اخر الأخبار

الجمل وعلاقته بالمحبوبة والمرابع في الأدب الحساني

ربما تحتوي الصورة على: ‏‏‏سماء‏ و‏نشاطات في أماكن مفتوحة‏‏‏
الجمل وعلاقته بالمحبوبة والمرابع في الأدب الحساني

لم يوجد إنسان على ظهر البسيطة لنفسه علاقة أقوى وأرسخ بمحيطه الطبيعي , من علاقة أبناء الصحراء بالإبل.

إنها العلاقة التي تحولت بفعل حيوية وأهمية الإبل في حياة أبناء هذه الأفق المفتوح على سَموم الأرض , وشموس الدنيا، وعواصف الكون .. إلى علاقة قربى، و علاقة ثقة، حتى وكأن الجمل تحول إلى ابن عم لساكنة هذه الأرض، التى يحتل فيها أبناء العمومة ما احتلوه؛ فهوالمذقذ من المتاهة والمنجد أثناء المعارك وهو من يسقى، ومن يطعم، وهو الذي يوفر كل ما تتطلبه حياة الصحراء القاحلة من أسباب عيش ضنين...العلاقة بين الجمل و الإنسان في هذه النقطة من الأرض علاقة وفاء و محبة , وعلاقة امتنان لما يقدمه هذا الكائن الخرافي صبرا ومثابرة وتحملا و تضحية.

أما الجمل بمفهوم أكثر تحديدا الجمل المطية، الجمل "المركوب " فإنه يتغلغل في ثنايا النسيج الوجداني للأديب الحساني ، الذي عمر هذه الأفق المترامي ،وتغني به، وأنشأ عالمه الخاص , الذي وجد فيه الجمل الصاحب الوفي، الذي يدنى إلى الحبيب في غفلة من الواشين والرقباء دون ضجيج ، وببعده عنهم دون إثارة انتباه .هذا الصديق الذي تعود الصبر على صاحبه، فلا يبخل عليه بجهد ولو تطلب ذلك التضحية بالحياة.

وإذا عدنا إلى عنوان هذه المداخلة "علاقة الجمل بالمحبوبة والمرابع في الأدب الحساني" فإننا سنجد الكثير من النماذج الدالة، كما نجد مدونة عصية على الحصر.. لهذا سنقوم بعملية انتقاء لا ندعي أنها تحيط بمختلف جوانب الموضوع ، أو أننا وفقنا في اختيار النماذج الأكثر التصاقا به و التعبير عنه . وإنما سنحاول من خلال هذه المعالجة أن نستبين منزلة الجمل: ( أزوزال ، المركوب ، الصيدح ) في وجدان الشاعر الحساني الذي يتعامل مع هذا الجمل ، وكأنه جزء أو طرف فاعل في عملية الوصال , والبث و النجوى , ويشارك بصمت ودون أي وشاية أو تنبيه في هذه الزورة المريبة واللذيذة ... هذا المنحى سيجعل الأديب العاشق ينزه مركوبه الذي أنجز مهمة الوصول ، عن كل أنواع التداول العادي من بيع ومقايضة واستغلال طبيعي . يقول الأديب و الشاعر بزيد ولد هدار بشأن صيدح له وهي ناقة ذلول اسمها التيمركيت :

أنَْهَــــارَاتِ يَالتِّيمِرْكِيتْ لَثْنَيْنْ اعْلِيكْ امْنَيْنْ امْشَيْتْ

وَاحِْد مِنْ لِمَّلَّ وَسَيْـــــتْ اغَنْجَيْدِيتْ اعْلِيكْ انْهَــــارْ

أوَسِّيتْ اعْلِيكْ اغَنْجَيْدِيتْ انَْْهَارْ امْن احْوَيْفِرْ لِــحْمَارْ

أمِنْ ذِيكْ السَّاعَ لِمْغَلِّــيكْ مابِعْتِكْ فِي أغْنَيْــمَ وَأوْزَارْ

وَ الاَّ فِي ابَّعْـرَ وامْخَلِّيكْ مَاعِدْتِ عِشْرَ مِنْ لِــــعْشَارْ

أنْهَارَاتِ

فهذه الناقة( الصيدح) تتحول إلى كائن يتمتع بقيمة رمزية لعلاقتها بالوصال ، وهذا يخرجها من دائرة التعاطي العادي ، فهي لاتباع و لا تشتري، ولا تقايض، لأن المهمة التي أنجزتها ما زالت ماثلة، وكأن إعادة إنجازها ممكنة ومطلوبة.. هذه العلاقة الرمزية التنزيهية للجمل أو المركوب الذي يدخل في عملية الوصال واللقاء مع الحبيب هي أحد السمات البارزة للنسيب الراقي في الأدب الحساني إذ يعتمد الترميز بالمكان ، والإشارة الخفية والتورية والرحلة والرواح، للتعبير عما تعنيه من بث ووصال وهيام.
-من مداخلة السيد محمد الأمين بالمعرض الدولي الأول للجمل.

Aucun commentaire

'; (function() { var dsq = document.createElement('script'); dsq.type = 'text/javascript'; dsq.async = true; dsq.src = '//' + disqus_shortname + '.disqus.com/embed.js'; (document.getElementsByTagName('head')[0] || document.getElementsByTagName('body')[0]).appendChild(dsq); })();