الامارات العربية والمغرب علاقات متميزةعبر العصور والايام
إن العلاقات المغربية الإماراتية علاقات قوية وتاريخية تتطور وتتجدد باستمرار على كافة الأصعدة،يتجسد ذلك في التوافق الكبير بين البلدين على مستوى الرؤى والمواقف السياسية بشأن كثير من القضايا.يقول امير الامارات
أرحب بأخي الملك محمد السادس في بلده وبين أهله. أجرينا مباحثات بناءة حول سبل تعزيز العلاقات الأخوية والتاريخية بين بلدينا ووقعنا إعلاناً نحو شراكة مبتكرة وراسخة في مختلف المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية التي تحقق النماء والرخاء للشعبين الشقيقين. الإمارات والمغرب يشتركان في العمل من أجل الاستقرار والازدهار والتنمية المستدامة لمصلحة شعوب المنطقة كافة.
في غمرة استعداد دولة الإمارات العربية المتحدة لاستقبال صاحب الجلالة الملك محمد السادس،أثارتني عبارات رائعة وردت في كتاب صدر حديثا للأستاذ جمال سند السويدي بعنوان ” محمد بن زايد آل نهيان،إضاءات في مسيرة رجل الإنسانية” ورد فيه مايلي:” تعد العلاقات الإماراتية المغربية من أفضل العلاقات تاريخيا،إذ كان المغرب من أولى الدول التي اعترفت بدولة الإمارات العربية المتحدة،وتطورت منذ ذلك الوقت علاقاتهما السياسية والاقتصادية والأمنية والسياحية والثقافية،إقليميا ودوليا،كما تنسقان في مختلف القضايا الحيوية…”.
والتاريخ يسجل أن دولة الإمارات العربية المتحدة قد كانت من أول الدول المشاركة في المسيرة الخضراء،وظل السند الإماراتي متواصلا على مدار السنوات الماضية، إذ تكلل ذلك بفتح أول قنصلية في مدينة العيون بالصحراء المغربية تعبيرا عن الدعم اللامشروط لسيادة المغرب على صحرائه،وفي نوفمبر من عام 2020 أعلنت الإمارات عبر وزارة خارجيتها دعمها للتحرك العسكري الذي بدأته المملكة المغربية في معبر الكركرات الحدوي مع موريتانيا.
ونجد أن المغرب يدعم موقف دولة الإمارات العربية المتحدة في موقفها بشأن احتلال إيران للجزر الثلاث أبوموسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى.
وعلى الصعيد الاقتصادي تعتبر دولة الإمارات العربية المتحدة شريكا استراتيجيا. يشهد على ذلك حجم التبادل الاقتصادي والتجاري بين البلدين حيث تميز بارتفاع مضطرد بفضل تدفق الاستثمارت الإماراتية.
إن دولة الإمارات تعتبر شريكا رائدا في الفرص الواعدة التي يوفرها المغرب،علما أن دولة الإمارات تتصدر المركز الأول من حيث حجم الاستثمارات العربية،كما يتطلع البلدان إلى شراكة استراتيجية أعمق والرفع من حجم الاستثمارات خلال السنوات المقبلة والرقي بالتبادل التجاري والاقتصادي إلى مستويات أعلى.
وفي مجال التعاون الأمني والعسكري يرتبط المغرب والإمارات بتعاون أمني وعسكري وطيد يتعزز باستمرار من أجل مواجهة التحديات الأمنية الإقليمية والدولية.
الشراكة المغربية الإماراتية تتسم بالشمول والتنوع والعمق،وهذا مايضمن لها التطور المتواصل ويفتح أمامها آفاقاجديدة تواكب تطلع الجانبين نحو الارتقاء بمسار هذه الشراكة خلال المرحلة المقبلة بما يخدم مصالح الشعبين الشقيقين،ومن المؤكد أن الزيارة التي سيقوم بها جلالة الملك محمد السادس إلى دولة الإمارات العربية المتحدة ستساهم في توطيد العلاقة بين البلدين لأنه من المنتظر أن تتطرق إلى ملفات اقتصادية كبرى سيكون لها تأثير إيجابي على اقتصاد البلدين.أن العلاقة بين المغرب والإمارات “تاريخية ونموذجية” في كافة المسارات، سواء السياسية أو الاقتصادية أو الأمنية والثقافية، في حين أن الطابع الغالب عليها “الدعم المتبادل”، وتعتبر المملكة المغربية من أوائل البلدان التي دعمت قيام اتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة، وعضوية الإمارات في جامعة الدول العربية والأمم المتحدة والمؤسسات الدولية، في الوقت الذي وقفت فيه الإمارات إلى جانب المغرب في العديد من التحديات كما عبرت الإمارات على الدوام على “دعمها الكامل” لسيادة المغرب على صحرائه وللإجراءات التي تتخذها المملكة للدفاع عن حقوقها المشروعة وقضاياها العادلة، وانطلاقا من هذه الرؤية قامت العلاقات بين المغرب والإمارات على فكرة وفلسفة المساندة والدعم في كافة الأوقات بغض النظر عن الظروف والأحداث.
يدعم كل من المغرب والإمارات بعضهما البعض في العديد من المواقف سواء الداخلية أو الإقليمية أو الدولية، وهناك تطابق في الرؤى والأفكار بين قيادة البلدين. ومنذ تولى صاحب الجلالة الملك محمد السادس العرش، تعتبر العلاقات المغربية- الإماراتية نموذجاً يجب أن تستند إليه العلاقات العربية؛ حيث يحافظ البلدان على علاقات وثيقة مبنية على الاحترام والتقدير المتبادل والمصالح المشتركة التي تكون دائمًا على أفضل المستويات وتتطور بمعدل غير مسبوق، وأدت العلاقات الثنائية المتنامية بين البلدين إلى زيادة التعاون، بخاصة على المستويات الاقتصادية المختلفة، وهو ما انعكس بصورة إيجابية على الروابط الاقتصادية العميقة بين البلدين.
أن العلاقات الاقتصادية بين المغرب والإمارات تشهد تطورًا مستمرًا مع ارتفاع واضح لوتيرة التعاون الاقتصادي خلال الأعوام الماضية، والتي بلغ فيها حجم التبادل التجاري 3.6 مليار درهم بين البلدين خلال 2022 بنسبة نمو تجاوزت 16%، وهو ما يعكس آفاق نمو التعاون والشراكة الاقتصادية بين البلدين، ومتوقع مزيد من التعاون بين البلدين الشقيقين خلال الفترة المقبلة، حيث اتفق البلدين خلال اجتماعات الدورة الأولى للجنة الاقتصادية المشتركة بين البلدين خلال سنة 2023 على مضاعفة التبادل التجاري والاستثماري خلال الـ 7 سنوات المقبلة وتعزيز التعاون في مجالات التجارة الاستثمار والصناعة والطاقة والخدمات اللوجستية.
ونتيجة لذلك، تحتل الإمارات المرتبة الأولى بين الدول العربية المستثمرة في المغرب، والثاني عالمياً بقيمة استثمارات تبلغ أكثر من 50 مليار درهم وبنسبة مساهمة 21% في رصيد الاستثمارات الأجنبية المباشرة في المغرب مع نهاية 2021، وعلى صعيد المبادلات التجارية الثنائية، بلغ حجمها بين المغرب والإمارات العربية المتحدة مستويات متميزة، مع نمو مستمر للواردات والصادرات معا، وتصدر المملكة المغربية إلى دولة الإمارات العربية المتحدة مجموعة متنوعة من المنتجات، مثل المنتجات الفلاحية ومنتجات النسيج والفوسفاط. وفي المقابل، يستورد المغرب العديد من المنتجات الإماراتية، وخصوصا البترولية والكيميائية والتجهيزات الإلكترونية. وتعد هذه الديناميكية ثمرة جهود يبذلها البلدان لإزالة الحواجز الجمركية بهدف تسهيل التجارة الثنائية، وبحسب معطيات مكتب الصرف، فاقت قيمة صادرات المغرب إلى الإمارات العربية المتحدة 1.41 مليار درهم خلال سنة 2022، مقابل 494.38 مليون درهم سنة 2018، وخلال النصف الأول من السنة الجارية تجاوزت قيمة الشحنات من المغرب إلى الإمارات مليار درهم. وبخصوص واردات المغرب من الإمارات العربية المتحدة، فقد ارتفعت، وفق معطيات مكتب الصرف، من 7.68 مليار درهم سنة 2018، إلى أزيد من 14.48 مليار درهم سنة 2022 وبلغت في النصف الأول من سنة 2023 ما مجموعه 8.37 مليار درهم
تجمع المغرب والإمارات شراكات تاريخية اقتصادية واستثمارية قوية، تدعمها دائما العلاقات السياسية المتميزة بين البلدين، ويشهد التعاون الاقتصادي والاستثماري بين البلدين تطورا كبيرا في كافة المجالات، فضلا عن رغبة متواصلة بين البلدين لزيادة الاستثمارات المشتركة.
ومن المنظور الاقتصادي والاستثماري، فإن المراقب لأبعاد العلاقات الاقتصادية بين البلدين يجد أن دولة الإمارات ترى في المملكة المغربية سوق واعدة في المنطقة، وأرضاً خصبة لإقامة مشروعات استثمارية نوعية في مختلف القطاعات، لا سيما أن المملكة المغربية مقبلة على مشاريع وتظاهرات عالمية وقارية ضخمة (كأس إفريقيا 2025، وكأس العالم 2023)، فهي بحاجة إلى استثمارات أكبر في مجالات الأشغال العمومية الكبرى وبناء شبكة مواصلات من طرق سيار وسكك الحديدية وبناء الملاعب وإقامة فنادق كبرى، لقد دأبت الإمارات العربية المتحدة على الدوام اهتماما خاصا بفرص الاستثمار في المغرب، خاصة في قطاعات العقار والمالية والبنيات التحتية، وهو الاهتمام الذي ما فتئ يتجسد من خلال ارتفاع حجم الاستثمارات الاماراتية المباشرة في المغرب.
على مدار السنوات الماضية اكتسبت العلاقات بين المغرب والإمارات زخما كبيرا على مستوى قيادة البلدين؛ وقام الملك محمد السادس، مباشرة بعد اعتلائه العرش في دجنبر 1999، بزيارة إلى دولة الإمارات في مارس 2001، تلتها بعد ذلك سلسلة من الزيارات الرسمية وغير رسمية إلى الإمارات وأخرى لحضور عدد من الفعاليات المنظمة في هذا البلد الخليجي، وذلك من جانب قيادة دولة الأمارات العربية المتحدة، وتأتي هذه الزيارات تتويجاً لمسار متألق في مسيرة التعاون بين البلدين الشقيقين.
تحمل زيارة صاحب الجلالة الملك محمد السادس إلى الإمارات أهمية خاصة كونها الأولى لعاهل المغربي للإمارات بعد تولي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان مقاليد الحكم في 14 مايو 2022، من المفترض أن تنصب النقاشات الثنائية خلال هذه الزيارة على مناقشة جملة من القضايا الثنائية والإقليمية المشتركة،
و للمقاربة الدبلوماسية بين الامارات والمغرب هذه الزيارات تتويجاً لمسار متألق في مسيرة التعاون بين البلدين الشقيقين هو ما فرض الحديث اليوم عما يمكن تسميته بالدبلوماسية الأمنية بنموذج مغربي خالص، وهو حديث ينطلق من الواقع الأمني ومما خلفته هذه الدبلوماسية من نتائجه ملموسة انعكست إيجاباً تتكامل مع باقي التحركات الدبلوماسية التي يتم القيام بها المغرب على مستوى الخارجية المغربية، وعلى مستويات أخرى تحت مسمى دبلوماسية اقتصادية، ثقافية وسياسية…كلها تدفع بالمغرب ليتموقع بالشكل الذي يريده عاهل البلاد ويسعى إليه الشعب المغربي.
بتصرف واعداد الاستاذ : الحسين البقالي بن علي من المغرب
Aucun commentaire