حفل الختان فـي المجتمـع اليهـودي
حفل الختان فـي المجتمـع اليهـودي
الحلقة السادسة
يكتبها الاستاذ الباحث :الحسين البقالي
تحكي الرواية الشفوية أن يهود ايفران الاطلس الصغير كانوا يخصصون احتفالات «ضخمة» لحفلة الختان، وهذا الاحتفال له طابع ديني لدى
اليهود. وعادة ما يختنون أبناءهم بعد مرور الأسبوع الأول من ميلادهم، وللذكور
مكانة كبيرة لدى هؤلاء مقارنة مع الإناث. ومن عادتهم، في تلك الفترة، الزواج
المبكر. وفي أغلب الأحيان، تشرف الأسرة على اختيار الزوجة «الصالحة» لابنها الذي
لا يجب عليه أن يقوم بأي اعتراض
يعجل اليهود
المغاربة، بعملية ختان الابن المولود، ويباشرون العملية، في اليوم الثامن الموالي
لتاريخ الازدياد، ومرد الاختلاف، مع إخوانهم المغاربة المسلمين،
أن الديانة اليهودية هي التي حددت
التاريخ، كما أن الختان، يعني الدخول الرسمي للمولود، في المجتمع اليهودي، وفي هذا
الصدد ذكر المؤلف، أن العملية، تتم “طبقا لما أمر به الله جلت قدرته، في معنى قوله:
يختتن منكم كل ذكر ابن ثمانية أيام”.
واستعدادا لحفل الختان، تباشر النساء
عددا من الاستعدادات، أبرزها تعليق تمائم حول سرير النفساء، للحماية من العين
الشريرة، كما تزين الغرفة بأفرشة من “السيفر”، وهو، حسب المؤلف، “مدرج يحتوي على
قوله تعالى الذي يمثل الألوهية نفسها”، كما أن المولود، يلبس ثوبا حريريا، وتضعه
أمه، التي ترتدي لباسا مزينا بالذهب، بين ذراعيها.
chinoi1966
وتقام حفلة الختان، التي تعرف
بـ”الملة”، غالبا، بعد صلاة الصبح، ويستدعى إلى هذا الحدث ذي الأهمية الكبرى، لما
فيه من تجديد للعهد بين الله والعباد، جمهور غفير من الناس، وبمدينة فاس، يحكي
إيلي مالكا، أنه يؤتى من الكنيس اليهودي، بكرسي عال، يدعى “كرسي إيلياء”، فيقام
مزاد علني، هو الذي يحدد الشخص الذي سيحظى بامتياز الجلوس عليه وإمساك المولود
أثناء تختينه.
وتعتبر حظوة الجلوس على الكرسي،
“حسنة” تحسب، وإيحالة على النبي “إيلياء”، الذي يقال إنه يحضر جميع عمليات الختان،
أما الثمن المحصل منها، فيتم وهبه إلى الكنيس الذي يتردد عليه أب المولود، أو
الجمعية الدينية التي ينشط فيها بالمدينة.
ويقوم بعملية ختان الطفل، بين يدي
الشخص الذي اشترى حظوة ختانه، “الموهيل”، وهو رجل دين معروف بتجربته في إجراء
عمليات الختان، وخلال إنجازه للمهمة، يردد عبارات وأدعية حمد وشكر لله، ثم يسلم
الابن لأبيه، ليردد الدعاء الخاص بالمناسبة، قبل أن يعيده إلى الذي اشترى حظوة حفل
الختان.
ومن الطقوس، التي يقوم بها “الموهيل”،
في إجراء العملية، أنه يأخذ “القلفة” بين أصابعه ويقطعها بشفرة حادة لا مقبض لها،
ثم يمص الموضع المقطوع، ويبصق الدم في صحن مليء بالرمل، ثم يعقم الجرح
بـ”الماحيا”، وينثر عليه مسحوقا أو زيت الحوت أو المنتوجات الصيدلية إن توفرت، ثم
يضمد الجرح.
ولعل المثير في عملية الختان لدى
اليهود المغاربة، وفق ما يحكي إيلي مالكا، أن القلفة أو الحشفة، لا يتم التخلص
منها، إنما يتم دفنها في صحن مليء بالرمل والورود لأيام، ثم تستخرج ويتم حفظها في
خزانة لدى أسرة الطفل، بعد تلفيفها في ثوب، وعندما تظهر في العائلة أو في الملاح
امرأة لا ترزق إلا بالبنات، تهدى لها الحشفة وتبتلعها، ويعتقد اليهود المغاربة، أن
رغبة المرأة في الحمل بذكر تتحقق.
وحفلة الختان، هي نفسها حفلة
“العقيقة” لدى اليهود المغاربة، إذ أورد إيلي مالكا، أنه بعد انتهاء الختان وما
يرافقه من عمليات توزيع باقات الريحان والورود على الحضور وترديد أدعية وأوراد،
يأخذ الرباني، المولود، ويعلن أمام الملأ الاسم الذي اختاره له والده، مرددا:
“ربنا احفظ لنا هذا المولود، الذي سيعرف في إسرائيل باسم …”. وفي اختيار الأسماء
يفضل اليهود عادة إطلاق أسماء الأنبياء إبراهيم أو إسحاق أو يعقوب أو أسماء
أوليائهم الصالحين أو أحد الأقرباء أو الأجداد المراد تخليدهم، ويحظر، فقط، تسمية
المولود باسم أبيه، إن كان حيا، خوفا على والده من الموت.
ويستشف من
التسلسل الذي اعتمده إيلي مالكا، أنه بعد عملية الختان، تنتهي الاحتفالات والطقوس
إلى أن يبلغ الطفل سنته الأولى، حيث تقام له حفلة حلاقة الشعر الأولى، التي تتميز
بالاحتفاظ بمربعين كبيرين من الشعر على الصدغين في أعلى الأذنين، ويعيش المولود،
طفولة عادية، إلى أن يبلغ خمس سنوات من عمره، حيث يستفيد من “عيد خمس سنين”، الذي
يعني أن الطفل، صار اليوم شخصا قابلا للمدح والذم.
Aucun commentaire