مساهمة المغاربة في الحرب العالمية الثانية
مساهمة المغاربة في الحرب
العالمية الثانية
تمهيد إشكالي:
إن لمشاركة المغرب بجانب الحلفاء في الحرب العالمية الثانية لها أهمية كبرى في
التاريخ، فقد شاركت المستعمرات من أجل تحقيق السلم والنضال والدفاع عن الحرية
والديمقراطية للمجتمعات، وقد ساهمت عدة ظروف في هذه المساهمة.
·
فما
هي العوامل التي دفعت المغرب للمشاركة في الحرب العالمية الثانية إلى جانب
الحلفاء؟
·
وما
هي مظاهر مساهمة المغرب في الحرب العالمية الثانية؟
·
وما
هي نتائج هذه المشاركة؟
I – العوامل
التي دفعت المغرب للمشاركة في الحرب العالمية الثانية:
رغم وقوع المغرب تحت الاحتلال الفرنسي فقد ساهم إلى
جانب الحلفاء لتحرير أوربا وفرنسا تحديدا من الديكتاتوريات الفاشية الإيطالية٬
والنازية الألمانية، وتتجلى أسباب المشاركة فيما يلي׃
·
دعوة
السلطان محمد الخامس الشعب إلى مؤازرة فرنسا ماديا وعسكريا مباشرة بعد اندلاع الحرب
العالمية الثانية يوم 3 شتنبر 1939م، والسبب المباشر لذلك هو تلقي السلطان محمد
الخامس وعدا من الرئيس الأمريكي روزفيلت على مساعدة المغرب لنيل استقلاله وحريته
مقابل تعاون ودخول المغرب الحرب إلى جانب دول الحلفاء.
·
إيمان
المغرب بقيم السلم، والتحرر، والسيادة.
·
اعتبار
الحلفاء٬ وخاصة انجلترا والولايات المتحدة الأمريكية المغرب قاعدة أساسية للقضاء
على الديكتاتوريات٬ والأرضية المغربية نقطة انطلاق العمليات العسكرية والحربية
لدول الحلفاء في منطقة البحر الأبيض المتوسط لصد الجيوش الألمانية والإيطالية٬ وفي
هذا الإطار أنزلت قوات الحلفاء بالسواحل المغربية بالدار البيضاء والمحمدية يوم 8
نونبر 1942م.
·
استضافة
المغرب للقاء أنفا في يناير 1943م كمساندة دبلوماسية للحلفاء.
·
نداء
شارل نوكيس المقيم العام بالمغرب سنة 1939م ودعوته الفرنسيين والمغاربة في منطقة
الحماية للدفاع عن الوطن.
لقد كانت مساهمة المغاربة في المجهود الحربي هامة
ومتنوعة٬ فهي لم تكن مالية واقتصادية ومادية فقط، بل كانت أيضا مساهمة بشرية، لهذا
استجاب الشعب المغربي لنداء سلطانه ودعم بكل حيوية ونشاط جهود فرنسا وحلفاءها٬
وبالتالي ساهم ذلك في تحقيق النصر سنة 1945م.
II – مظاهر
مساهمة المغرب في الحرب العالمية الثانية إلى جانب دول الحلفاء:
1
– المساهمة
اللوجيستيكية المغربية:
يحظى المغرب بموقع استراتيجي جعله محط اهتمام القوى
المتصارعة في الحرب العالمية الثانية، لكن الموقف المبدئي للمغرب من الأطراف
المتحاربة جعله يضع أراضيه تحث تصرف دول الحلفاء، وفي هذا السياق ستقوم الولايات
المتحدة الأمريكية بإنزال قواتها في الشواطئ المغربية (الدار البيضاء، المهدية).
2
– المساهمة
العسكرية المغربية:
التحقت فرق عسكرية مغربية من الرماة والمدفعية
والهندسة بالجبهات الحربية الأمامية لقتال الفاشية والنازية في منطقة الجزائر
وتونس والبحر الأبيض المتوسط، وفي الأراضي الأوروبية بدءا بصقلية وايطاليا ثم
فرنسا وبلجيكا وألمانيا …، في الجبال (جبال الألب) والأودية (السين، والراين،
والدانوب)، وفي ظروف مناخية قاسية (برد، وثلوج …)، وقد أبان الجنود المغاربة عن
شجاعة حربية عالية اعترف بها الأعداء والحلفاء، حيث وقعوا على مشاركة فعالة في
مختلف جبهات القتال (الجبهة المتوسطية، الجبهة الغربية …الخ)، بحيث تمكنت فيالقهم
العسكرية من المساهمة في تحرير إيطاليا من النظام الفاشي، وتحرير فرنسا والتوغل في
عمق التراب الألماني وأسر 1500 جندي نازي، وتقديرا للتضحيات العسكرية الجسيمة
للمغاربة (2883 قتيلا، وما يفوق 12495 جريحا، ومفقودين) توج الجنرال “شارل ديغول” (Charles de Gaulle) السلطان
“محمد الخامس” بوسام تقدير كـ “رفيق التحرير”، وحضي الجنود المغاربة بالتنويه على
شجاعتهم اثر مساهمتهم إلى جانب الحلفاء لتحرير أوربا من الديكتاتوريتين النازية
بألمانيا والفاشية بإيطاليا.
3
– المساهمة
الاقتصادية التي قدمها المغرب للحلفاء:
جسد خطاب السلطان محمد الخامس الانطلاقة الفعلية
للدعم المادي المغربي لفرنسا، حيث كثف من صادراته الفلاحية كالحبوب والقطاني والفواكه
إضافة إلى الخضروات والمواشي نحو فرنسا، وقد ساهم المغاربة ماليا من خلال
الاكتتابات والتبرعات تحت أسماء ومسوغات مختلفة:
·
الإخاء
الحربي: لجنة تأسست لدعم المجندين والأسرى وأسرهم والضحايا.
·
الإنقاذ
الوطني: لتقديم المساعدات للسكان المدنيين المتضررين من الحرب.
·
كناش
الغائب: تكلفت بتخصيص دفتر للادخار الشخصي للغائبين قصد الاستفادة منها بعد عودتهم
(وصلت قيمة الاكتتابات أكثر من 5 مليار فرنك، بالإضافة إلى ريع الطوابع البريدية …
الخ).
وقد ساهم المغرب مساهمة اقتصادية مهمة في الحرب إلى
جانب الحلفاء، فقد قام بتزويد فرنسا بالمنتوجات الفلاحية 22.50% من الإنتاج
الإجمالي من البواكر، و7.44 مليون طن من البطاطس، و32.21% من المواشي (مليون رأس
…) كوسيلة لسد حاجيات فرنسا الأساسية٬ وساهم المغرب في ذلك بشكل كبير لتلبية حاجياتها
مما أثر سلبا على الاقتصاد المغربي، حيث ارتفعت نسبة الصادرات واستنزفت الموارد
المغربية، وتبرعت مختلف الفئات الاجتماعية لصالح فرنسا بمبالغ مرتفعة منها׃
·
تبرع
السلطان ب 50.000 فرنك.
·
تبرع
أعضاء المخزن (الهيئات الوزارية والكتبية) ﺒ 40.000 فرنك.
·
تبرع
السكان.
III – نتائج
المشاركة المغربية في الحرب العالمية الثانية:
لحق المغرب خسائر متعددة في مختلف المجالات׃
·
الخسائر
بشرية׃ حوالي 2883 قتيلا، و12495 جريحا، و474 مفقودين من
الجنود المغاربة.
·
الخسائر
الاقتصادية׃ تضرر الاقتصاد المغربي بسبب ارتفاع الصادرات الفلاحية
والمواد الأولية نتج عنه نقص حاد في المواد الاستهلاكية الأساسية، وارتفاع الأسعار
(اضطر السكان إلى تناول جذور بعض النباتات)، مما دفع إلى تقنين توزيع المواد
الاستهلاكية اعتمادا على نظام الحصص (عام البون).
ورغم تكبد المغرب كل هذه الخسائر، وفي مجالات متعددة إلا
أن مشاركة المغرب ساهمت في تحرير أوربا من سيطرة الأنظمة الديكتاتورية الفاشية
والنازية، وجسدت تضحية غالية من طرف المغرب لترسيخ قيم السيادة والعدالة والحرية
والسلم والديمقراطية، ووشحت صدور المغاربة بأوسمة الشرف والشجاعة، واعتبر قائد
البلاد محمد الخامس رمز الحرية ورفيق التحرير.
خاتمة:
نستنتج إذن أن مساهمة المغرب إلى جانب الحلفاء في
الحرب العالمية الثانية كانت كبيرة وفعالة ومهمة لنيل أوربا النصر وهزيمة
الديكتاتوريات الفاشية الإيطالية والنازية الألمانية٬ لكن المغرب تضرر كثيرا جراء
هذه المساهمة بشكل كبير في العديد من المجالات٬ وبهذا ظل تابعا لفرنسا بسبب
الاستيراد.
Aucun commentaire