مهرجان "أداي آيت حربيل": هل تكفي الأضواء لإنارة عتمة التهميش؟
مهرجان "أداي آيت حربيل": هل تكفي الأضواء لإنارة عتمة التهميش؟
بين عبق التاريخ وأصالة التراث، تستعد جماعة "أداي المركز" لاحتضان الدورة الأولى لـ مهرجان أداي للثقافات أيام 8 و9 و10 ديسمبر 2025. ورغم أن هذا الموعد يأتي بعد سلسلة من التأجيلات وتغيير الأجندات (حيث كان من المفترض تنظيم نسخة جهوية في أغسطس الماضي)، إلا أن التساؤل الحقيقي في أزقة "أداي" وبين جبالها لا يقتصر على "متى المهرجان؟" بل يمتد إلى "ماذا بعد المهرجان؟".
بين الفلكلور والواقع: جدل الهوية
يهدف المهرجان، حسب القائمين عليه، إلى إبراز غنى التراث المحلي وتعزيز قيم التعدد الثقافي عبر ندوات فكرية وأنشطة تربوية للأطفال. لكن هذا "الواجهة البراقة" تصطدم بجدل محلي واسع؛ حيث يرى منتقدون أن المهرجانات في المناطق النائية غالباً ما تتحول إلى "سهرات ليلية متأخرة" تنتهي بانتهاء صدى الموسيقى، دون أن تترك أثراً ملموساً في يوميات السكان الذين يعانون صمتاً تنموياً طويلاً.
التنمية أولاً.. والاحتفال ثانياً
الرسالة التي يرفعها أبناء المنطقة واضحة وصريحة: "نعم للثقافة، ولكن بعد التنمية الشاملة". فبينما تتزين المنصات بالأضواء، تظل هناك ملفات حارقة تنتظر الحل:
أزمة العطش والخدمات: رغم وصول نسبة الربط بالكهرباء إلى مستويات قياسية (98%)، إلا أن جودة المياه الصالحة للشرب تظل هاجساً يؤرق السكان، خاصة مع تكرار الانقطاعات التي تثير الاحتجاجات في المناطق الجبلية.
التعليم في مهب الريح: في الوقت الذي نتحدث فيه عن "مدارس رائدة"، ما يزال الواقع في القرى يواجه تحديات قاسية؛ من غياب للمرافق الصحية الأساسية بالمدارس إلى المسافات الطويلة التي يقطعها التلاميذ، مما يرفع من شبح الهدر المدرسي.
عزلة الجبال: الميزانيات المرصودة للتنمية القروية (والتي تتجاوز 43 مليار درهم) هي أرقام مبشرة، لكن المواطن في "أداي" ينتظر ترجمتها إلى طرق معبدة، وصرف صحي، ومراكز صحية قريبة تنهي معاناة التنقل.
الخلاصة: القرى لا تحيا بـ "الرقص" وحده
إن النجاح الحقيقي لأي تظاهرة ثقافية لا يقاس بعدد الحاضرين في السهرات، بل بمدى مساهمتها في تسليط الضوء على "العدالة المجالية". سكان القرى والمناطق الجبلية ليسوا بحاجة إلى "الرقص والردح" بقدر حاجتهم إلى بنية تحتية تصون كرامتهم.
التحدي الحقيقي أمام مدبري الشأن المحلي في "أداي آيت حربيل" هو الموازنة بين الاحتفاء بالتراث وبناء الإنسان. فالمهرجان الناجح هو الذي يبدأ بإصلاح الطريق المؤدي إليه، وينتهي بتوفير شربة ماء نظيفة لمن يحيون لياليه.
يكتبها الاستاذ الباحث والفاعل الجمعوي : الحسين البقالي بن علي


Aucun commentaire