اخر الأخبار

كتاب جدير بالقراءةصولات وجولات ثقافية في كتاب «الفقيه والمجتمع "مشروعية العالم في التاريخ الاجتماعي والسياسي للصحراء الاطلنتية «للدكتور محمد بوزنكاض .

قراءة ومتابعة الاستاذ الباحث : محمد امداح 


صولات وجولات ثقافية في كتاب «الفقيه والمجتمع "مشروعية العالم في التاريخ الاجتماعي والسياسي للصحراء الاطلنتية «للدكتور محمد بوزنكاض .

قليلة هي الدراسات التاريخية التي تطرقت لموضوع الفقيه ودوره في المجتمع، وهوما جعل الدكتور محمد بوزنكاض استاذ التاريخ بجامعة ابن زهر كلية الآداب والعلوم الانسانية بأكادير الى تأليف هذا الكتاب الموسوم ب: الفقيه والمجتمع: مشروعية العالم في التاريخ الاجتماعي والسياسي للصحراء الاطلنتية «، الصادر ضمن منشورات مركز الجنوب للدراسات والابحاث الصحراوية والافريقية، تطرق لهذا الموضوع الى المكانة التي اعطت للفقيه وادواره في الصحراء الاطلنتية بشكل عام يقول المؤلف في صفحة 159:

لقد شكل حياد الفقهاء /المتصوفة شرطا لممارسة ادوار الوساطة وتحقيق الاستقرار، حيث تعكس جغرافية المقدس هذه الوظيفة، اذ لا تتوزع اقطاب الصلاح عشوائيا، بل تتواجد في الحدود، وتشكل اماكن التماس والاحتكاك بين القبائل نقلا عن الاستاذ محمد دحمان في كتابه الموسوم ب "الساقية الحمراء ابان تأسيس زاوية السمارة: مقاربة سوسيو تاريخية، السمارة، الحاضرة الروحية والجهادية للصحراء المغربية ص 91

يقول المؤلف في صفحة 216; وقد يشكل تدخل الفقيه لفائدة قبيلة ما سببا في تكون علاقة تبعية بين الفقيه والقبيلة، حيث تستفيد القبيلة من حماية الولي الصالح وبركته في مقابل هدايا يحصل عليها الولي الصالح بشكل دوري ..."

ويقول المؤلف ايضا في صفحة 242 وصفحة 243 "وتبرز داخل مكونات مجتمع الصحراء فئة الفقهاء ،حيث تميزت شخصية العالم في الصحراء بطابعها المركب ،فهو الفقيه العالم بالدين والقائم بأمور التدريس والامامة والقضاء ،وهو المتصوف الذي يتصدى لعلوم الباطن وشيخ الزاوية والمربي الصوفي ،فكان طبيعيا ان تتعدد موارد مشروعية الفقيه في الصحراء حيث يجمع بين اسس مشروعية مختلفة صوفية وعلمية وقبلية ،وتتعدد مكانة كل فقيه تبعا لدرجة استيعابه لهذه المقومات ،حيث استوجب البحث تفكيك شخصية الفقيه وكشف اليات اشتغال هذه المحددات ودورها في تشكيل قوة العالم ومكانته في تاريخ المجال والتحول الذي عرفته هذه السلطة نتيجة للتطورات التي عرفتها المنطقة منذ اواخر القرن 19م .

لقد بصمت فئة الفقهاء على حضور لافت في مختلف المستويات، اي بما لعبته من ادوار استثنائية في تحقيق التوازن الاجتماعي والوظيفي للمجتمع بالنظر لأدوارها في شرعنة العرف وتوثيقه وتنفيذه وبالتالي توجيه عمل اجماعة ،مما يفسر المكانة التي حظي بها الفقيه في بنية القبيلة وحرص القبائل المحاربة على استيعاب هذه الفئة التي تصل للمجال في الغالب عبر رحلة تؤشر على بداية مسار /عالم متصوف بما تحمله رمزية ممتدة ،بالإضافة الى ادوار فئة الفقهاء في القضاء الذي مكن الفقهاء من ضبط استعمال العنف وتسوية الصراعات القبلية ،كما شكل تعيين القضاة مدخل لتنزيل سياسة المخزن واختراق بنية القبيلة عبر ربط مشروعية هذه الفئة بالمركز .

كماشكل احتكار الفقهاء مدخلا لتفسير الكتابة التاريخية ومرآة عاكسة لخطاب هذه الفئة ،....صفحة 243

بالإضافة الى التقديم، يتضمن هذا الكتاب مدخل يتضمن مدخل: الصحراء بين الخصوصية والامتداد، الصحراء، المجال والامتداد.

الفصل الاول تطرق فيه المؤلف الى محور الفقيه والمجتمع من خلال تجربة الفقيه في سياق الخصوصية.

الفصل الثاني يتضمن في محتوياته دور الفقه والتصوف بالصحراء بالتطرف لعدة مظان وهي الاصول والبنية والوظيفة.

الفصل الثالث يندرج في إطار التطرق الى دور التصوف في اسس تشكل وتطور القبيلة بالصحراء المغربية مركزا على دور التصوف والزوايا والطرق الصوفية والهجرة في تشكل البنيات القبلية بالصحراء الاطلنتية،

الفصل الخامس عرج فيه المؤلف على ادوار الفقيه في التاريخ الاجتماعي للصحراء من خلال دور الفقيه في تسوية النزاعات القبلية، ودوره في شرعنة العرف بالصحراء ودوه في ترسيخ القضاء بالصحراء الاطلسية.

اما المحور السادس، فامتعنا الدكتور محمد بوزنكاض في الدور الفعال الذي يلعبه الفقهاء في التاريخ السياسي من خلال ما يلي:

رمزية الارث المرابطي في التاريخ السياسي للصحراء الاطلنتية.

امارة ابدوكل: امتداد ورمزية الدولة المرابطية بالصحراء الاطلنتية.

امتداد ورمزية حركة ناصر الدين بالصحراء الاطلنتية.

الفقه والسلطة في تجربة الشيخ محمد الكنتي.

الفكر السياسي للزوايا: الشيخ محمد المامي انموذجا.

حركة الشيخ ماء العينين: ابعادها واساسها الفكري.

تأثير حركة الشيخ ماء العينين في التاريخ السياسي والاجتماعي للصحراء.

ان وظيفة الفقيه لا تنحصر في فقط في وظيفة الامامة التي كانت منذ، فترة المولى ادريس الاول في القرن الثاني الهجري ،بل تكون في القيادة والفصل بين الناس في الامور القضائية بالعدل ،وقيادة الجهاد ضد كل يسئ الى الامة والدفاع عنها ناهيك عن القيام وظيفة الامر بالمعروف والنهي ،وهي امور يرجع الفضل في القيام بها بواسطة الزعيم الروحي للدولة المرابطية الشيخ عبد الله بن ياسين انطلاقا من رباطه بشنقيط ادرار بالصحراء ،بقبيلة صنهاجة لتسمل مسوفة وكدالة ولمتونة ...وقد كانت لزاوية الوكاكية نسبة الى وكاك بن زلو اللمطي المتواجدة قرب ندتزنيت منارة علمية تتخرج منها الالاف من الفقهاء والعلماء ،اضف الى ذلك ما قامت به الدولة الموحدية التي ستستكمل بناء هذا المشروع الفقهي الذي انطلق من قرية تفكيت بقبيلة ارغن المعروفة في بطون كتب التاريخ بهرغة خاصة كتاب البيدق ،جماعة توغمرت حاليا ليتخد اسم محمد اسافو اي المنقذ من الظلال بإنارته للعلم والامر ،ليتخذ فيما بعد وظيفة الفقيه التي لا تنحصر فقط في الامر بالمعروف ،والنهي عن المنكر ،بل السير بالأمة في مدراج الرقي العلمي الانساني بايكليز ،وبتراسه لمجلس العشرة ومجلس الخمسين التي كان ينظمها العرف التي تطرق اليها المؤلف بكثير من الدقة والتفصيل في صفحات هذا الكتاب ،بل ان عبد المومن بن علي سيواصل وظيفة الامامة والفقه بمسجد تنمل في اعالي جبل درن ادرار ن درن ، قبائل مصمودة بالأطلس الكبير الغربي ،وما ترميمه عدة مرات من طرف وزارة الثقافة وشركاؤها الا لدليل قطعي على الادوار العلمية والاجتماعية، وراهنيا السياحية التي يقوم بها ،ونتمنى ان يعاد اعماره وهو بمجال جماعة ثلاث نيعقوب التي تضررت من جراء زلزال الحوز وتارودانت. ستستمر كذلك وظيفة الفقيه من خلال ماانجزه يعقوب المنصور الموحدي الذي كان له الفضل الكبير في بناء مسجد حسان بالرباط ليتواصل بناء المشروع الفقهي وبقوة ليصل الاندلس التي وصل ها قبله يوسف بن تاشفين ،وما تركه المسلمون عامة بالأندلس عامة بقرطبة ،وغيرها من المدن التاريخية الاثرية بالأندلس ،اسبانيا حالية لدليل تاريخي على قوة وازدهار الدولتين المغربيتين المرابطية والموحدية قبل ان يتراجع هذا الاشعاع المغربي فترة الخليفة محمد الناصر سنة 609 م بعد انهزامه امام الممالك الايبيرية في معركة العقاب ،كما ان الدولة المرينية اهملت في نظري ثقافة الفقه والمجتمع وهو ما جعلها تتراجع بالأندلس ولم تحقق مشروع طالما حلمت بتحقيقه وهو تحقيق فكرة الإمبراطورية بالأندلس ،ليتدارك السلطانين المرينيين ابي الحسن وابوعنان مشروع بناء المدرسة البوعنانية ومدرسة العطارين بفاس وهو احساس بديهي لدور الفقيه في بناء المشروع المجتمعي وهي الفكرة لعمري انطلقت بها فاطمة الفهرية في بناء اكبر جامعة مغربية في الغرب الاسلامي زمن القرن الثاني الهجري ومازال اشعاعها الحضاري متواصل الى الان ..

كما ان دور الفقيه في البادية المغربية وفي مجال الصحراء الاطلنتية يتجسد كذلك في لجوء عامة الناس اليه لقراءة ر وارشادهم، وتعليم الناشئة في المحضرة اي، المسيد وهي سنة حميدة دأبت عليها الاسرالمغربية عموما قبل ولوج اطفاها للمدرسة العمومية واستخدامه للطب التقليدي في وظيفة الاستشفاء، .

وما حققته الدولة الوطاسية والدولة السعدية التي ادركت اهمية ثقافة الفقيه وادواره المجتمعية بكل من سوس ودرعة وعلاقته بالمسيد والزوايا ،ولعل جل المآثر التاريخية التي بنيت في عهد محمد الشيخ التي سميت تارودانت في عهده بالمحمدية حاضرة سوس ،وما حققه احمد المنصور الذهبي ببلاد السودان ،حيث كان يعطي الاهمية للمدارس العلمية العتيقة وهو ماا ستمر الى عهد الدولة العلوية منذ القرن السابع عشر الميلادي الى الان ،فحاليا هناك تأسيس، المؤسسة المحمدية للعلماء الافارقة لما يجمع بلدان القارة من اواصر العلاقة الدينية المتينة بين شعوب القارة الافريقية .

لختتم هذا الكتاب المميز بخلاصة لاهم محتويات الكتاب وبلائحة للمصادر والمراجع التي استعمل المؤلف بكل حرفية تاريخية عالية ساعيا وراء ذلك لإخراج هذا الكتاب الى حيز الوجود في 268صفحة في طبعة انيقة من الحجم المتوسط.

بقلم محمد امداح باحث في التاريخ الجهوي والتراث الثقافي بالجنوب المغربي.

قراءة وتحليل يومه الخميس والجمعة 16و 17نونبر 2023م

شكرا لكم جزيل الشكر اعزائي القراء، عزيزاتي القارئات على القراءة التعقيب والنقد الجاد.


Aucun commentaire

'; (function() { var dsq = document.createElement('script'); dsq.type = 'text/javascript'; dsq.async = true; dsq.src = '//' + disqus_shortname + '.disqus.com/embed.js'; (document.getElementsByTagName('head')[0] || document.getElementsByTagName('body')[0]).appendChild(dsq); })();