الاستلاب بين الثقافتين الوطنية والغربية الاستعمارية
الاستلاب بين الثقافتين الوطنية والغربية الاستعمارية يكتبها الأستاذ الباحث : الحسين البقالي
في كثير من الأحيان نحن ندافع بشعور وبدون شعورعن هوية معينة سواء أ كانت استعمارية أوتعاطف معها وهذا يتضح في
الاعجاب بكل ماهو غربي وهذا يتضح أكثر في اللغة أنظر مثلا لبعض اللغات لها شأن، وأنظر الى لغات أخرى تعيش في الهامش
بمافيها لغة الام ولغة الاجنبي وأقص عليكم حوار يحمل أكثر من معنى : التقى أمازيغي مع البرتغالي والاسباني
والانجليزي. ثم افترقا دون أن يفهم أحدهما الآخر.. أحد الامازيغيين الذين سمعوا الحوار قال لإبنه: أرأيتَ قيمة الثقافة يا أبني
، لو كنتَ مثقفاً أكثرلاستطعت التحدث مع الانكليزي والبرتغالي والاسباني، رَدَّ الابن ولكن لماذا يجب أن يحسب الإنكليزي
والبرتغالي والاسباني نفسَه أكثر ثقافة مني، فهو بدوره لم يكن يعرف أية لغة من اللغات التي حدثته بها العربية والامازيغية
والريفية وشلحة...
اللغة بذرة الكينونة الأولى وفي القصتين السابقتين تتجلى معان كثيرة عن الكينونة الأولى، والهوية الجامعة، والخصوصية
الحضارية، والمشترك الإنساني، وكل هذه المعاني تكاد تجعل من اللغة عنواناً أو جذراً مؤسساً للوجود والهُوية باعتبارها مستودعاً
أميناً يختزن مقومات الانتماء وملامح الذات؛ ليحفظ أصحابها من الذوبان في الآخر خلال عملية التفاعل الإنساني حاضراً ومستقبلاً
عقلياً ونفسياً على كثيرٍ من المتطلعين للثقافة المعاصرة حيث يرى ابن خلدون أن "المغلوب مولع -أبدًا- بالاقتداء بالغالب"،
وهذاما في[الفصل الثالث والعشرين] وكان لافتاً إلى أنه عنونها بـ"فصلٌ في أن المغلوب مولَع أبدًا بالغالب في شعاره وزيه ونحلته
وسائر عوائده" معللاً ذلك بأن "النفس أبداً تعتقد الكمال في من غَلَبَها، وانقادت إليه إما لنظره بالكمال بما وَقَر عندها من تعظيمه
أو لما تغالَطَ به من أن انقيادها ليس لغلب طبيعي إنما هو لكمال الغالب، العلاقة بين المستعمَر والمستعمِر،
إننا اليوم في عصر "الليبرالية" ولحظة انتصار وهيمنة "النموذج الليبرالي الغربي" ولذلك تغزونا مقولاتها
المدجّجة بأقوى وسائل التأثير، وتفرض على تفكيرنا أولوية أسئلتها وإشكالياتها، وتزودنا بقوالب تشكّل تفكيرنا، وتمارس استبداداً
يمكن تمثّله –بالمثل- في سياق الحديث عن ولنتبين الرؤية "الخلدونية" ههنا فإننا نقتبس النص الآتي من مقدّمته العمرانية
الشهيرة،
عنهما هنا بالغالب والمغلوب ولنتبين الرؤية "الخلدونية" ههنا فإننا نقتبس النص الآتي من مقدّمته العمرانية الشهيرة،
[الفصل الثالث والعشرين] وكان لافتاً إلى أنه عنونه بـ"فصلٌ في أن المغلوب مولَع أبدًا بالغالب في شعاره وزيه ونحلته وسائر
عوائده" معللاً ذلك بأن "النفس أبداً تعتقد الكمال في من غَلَبَها، وانقادت إليه إما لنظره بالكمال بما وَقَر عندها من تعظيمه أو لما
تغالَطَ به من أن انقيادها ليس لغلب طبيعي إنما هو لكمال الغالب،فعلاقة الغالب بالمغلوب ليست وحيدة الاتجاه دائماً وإن تحقق
التغلّب عسكرياً، وبذا تكون العلاقة بينهما علاقة تفاعل تميل فيها الكفة، أحيانًا، إلى الغالب العسكري والثقافي في حين لا يتحقق
ذلك في حالة الغلبة العسكرية دون الثقافيّة..
فعلاقة الغالب بالمغلوب ليست وحيدة الاتجاه دائماً وإن تحقق التغلّب عسكرياً، وبذا تكون العلاقة بينهما علاقة تفاعل تميل فيها
الكفة،أحيانًا، إلى الغالب العسكري والثقافي في حين لا يتحقق ذلك في حالة الغلبة العسكرية دون الثقافيّة.
يحسب المتابع للواقع العربي أن شباب مجتمعاتنا العربية -منذ مطلع الألفية الأخيرة- باتوا مستلَبين أمام الغرب في كل شيء حتى
على مستوى اللغة، فبات التحدّث بكثير من الكلمات الإنجليزية أو الفرنسية مع المحيط العربيّ ظاهرة يتصاعد
انتشارها، بالرغم من أناللغة العربية كانت لغة العالم عندما سادت في العالم نهضة وعلماً وتقدماً، إلا أن أبناءها
اليوم يعتقدون أنها ليست كافيةً لتكون لغة العلم مرة أخرى الإنسان- وهذا ما يوضح مدى تحكّم عقدة النقص في
هذا السياق، وهذا لا يتوقف على اللغة فقط بل يرتبط بكل ما يخص الإنسان، أو على الأقل بلغ الزهد بهويتهم إلى
حدّ التطبيع الثقافي مع كل ما يتقبّله الغرب –وإن خالف الإسلام وفطرة من ملبس ومأكل وغيرهما ههنا فإنه لا
يوجد للمهزوم إلا أن يستعيد هويته ويحاول النهوض من جديد، إلى جانب التخلص من حالة الاستلاب الحضاري
من خلال مقاومة المتغلّب وترسيخ فكرة تجاوز آثاره، أو الإذعان لتوجهاته والانصياع إلى رغباته وصياغة
الوعي العام والسلوك وفقاً لقواعده،
هناك من يدافع بشعور أوبلا شعور عن الهوية الاستعمارية يمجد ويطبل لها ناسيا ومتناسيا أن الدول الاستعمارية استنزفت
واستغلت خيراته وأبناؤها وحتى بعض الكلمات القادحة وهي معاجم استعمارية مازالت تستعمل أكل عليها الدهر وشرب ومازالت
هذه المفاهيم تستعمل في هذا العصر القرن ىالواحد والعشرين تستعمل لضرب بلاده وهذا واضح في بعض الدول الافريقية لتقرب
من الدولة الاستعمارية ، وبالتالي أناشد الدول أن تهتم بنفسها فالدول الاستعمارية لا يهمها الا مصالحها، ولكن هذه الثقافة
الغربية ما زالت قادره على الصمود رغم أفول وانحسار ظاهرة الاستعمار بسبب انتصار حركات
الاستقلال والثورات الوطنية التحررية التي أنجزت هدفها بتحقيق الاستقلال الوطني ذلك ان الثقافة الغربية
الوافدة مع حركة الاستعمار الأوروبي الغربي والتي تعبر عن الخصائص القومية والدينية للمجتمعات
الغربية ما زال بريقها الحضاري تتأثر به النخب السياسية والثقافية في مجالات الأدب والفكر والفن رغم
انتشار مفاهيم الثقافة الوطنية وهذا الصمود للثقافة الغربية يعود بالدرجة الأولى إلى تطور في شكل
الحضارة الغربية البرجوازية ذاتها بحيث أصبحت بفضل الثورة التكنولوجية حضارة لها طابعها
الاستهلاكي التي تجد منتجاتها التي غزت الاسواق العالمية إقبالا و رواجا خاصة في البلدان المتخلفة غير
الصناعية ... أما الثقافة الثانية التي انتعشت في هذه المرحلة بسبب توفر حاضنة طائفية لها فهي الثقافة السلفية المتطرفة
والارهاب التي تنظر الى هؤلاء كمستعمرين جدد ادى الى تصادم بين هذه الثقافات وأدى الى الفوضى وقتل الأبرياء بدون أي حق
يذكر.
فكل مجتمع.. لاسيما المجتمعات الذي تشكّل عمقُها الحضاري عبر الأزمنة السحيقة؛ له أصوله النابعة من أرضه، والمجتمعات كلها
لهاعمقهاالحضاري الذي لا يُنكر/قضايا وآراء/الاستلاب-الحضاري-في جميع الثقافات...
ُتمثل الحضارات الإنسانية المختلفة حلقة واحدة في قصة الوجود البشري منذ الإنسان الأول وحتى الإنسان الأخير؛ فكما يَرِثُ الأبناءُ
الآباءَ ترثُ الحضارات الحضارات. فأنا لست ضد الثقافات المختلفة فالثقافة محصلة تراكمية للأدب والفكر والعلوم والمعرفة
التي توصلت إليه كل شعب من خلال تعاقب الأجيال والحضارات والوعي المعرفي والخبرة الحياتية فالثقافة واللغة
هي ملكات انسانية فالثقافة الاسلامية أعطتنا الرياضيات مع الخوارزمي الطب مع ابن سيناء الفلسفة مع الغزالي
وابن خلدون في علم الاجتماع وغيرهم كثيرون ...والاغريق مع ارسطو وسقراط وأبوقراط في الطب وو... والحضارة المصرية
الفرعونية والحضارة ،والحضارة الصينية، وحضارة الانكا والانتين بأمريكا الجنوبية ، والحضارة الفرنسية ، مع مفكري الانوار
مع أفكار فولتير ومونتسكيو وجون جاك روسووغيرهم كثيرون في جميع ميادين الحياة العامة فهذه الحضارات كلها إرث بشري
انساني تلقح كل واحدة من أخرى وتستفيد منها .
برأيي.. لقد جاء الوقت بأن نعيد النظر في تأريخنا من لغة وحضارة وثقافة ...بمنهج موضوعي، مستند إلى البحث والتنقيب، وإلى
التفكيك والتحليل، ثم إعادة بنائه بمسار منطقي نعرف الصديق والعدو، عسى أن يخفف من هيمنة ظاهرة الاستلاب الحضاري التي
مُنيت بها ثقافتناوهويتنا...
يكتبها الأستاذ الباحث : الحسين البقالي
Aucun commentaire