تيزنيت: رحلة دراسية الى قرية أمتضي بالجنوب المغربي
تيزنيت: رحلة دراسية الى قرية أمتضي بالجنوب المغربي
تعتبر الحصون والمخازن الجماعية من
مميزات الثرات المادي المعماري الامازيغي بكل
من ليبيا وتونس والجزائر وحتى جزر
الكناري ولم يتم بعد تحديد الزمن الذي ظهرت فيه هاته المعالم لأول مر ة دون شك
متجذرة في التاريخ. وإنها استعملت لأول مرة على شكل مغارات بالمناطق الجبلية
)نموذج جزر الكناري ويعتبر المغرب موطن هاته الحصون حيث توجد به أجمل هندسة
وأكثرها عددا خاصة الجنوب المغربي.
وفي هذا الاطار أخترت جمعية مدرسي
مادة الاجتماعيات لهذه السنة رحلتها السنوية لمنطقة أمتضي لدراسة والاطلاع على ما
تزخر به هذه المنطقة من تراث من اهمها إكودار هو بناء واسع يستعمل لتخزين ممتلكات
أبناء القبيلة،كما يستخدم أيضا كمأوى يحتمي داخله السكان مع ما يشتهر أيام الحروب
والنزاعات، فهو مخصص بالأساس لجمع الممتلكات الشخصية تحت حماية الدفاع المشترك.
وفي السادسة صباحا ليوم الاحد02
يونيو2013 قرب نيابة التعليم بتيزنيت أ كثر من 52 أستاذ لجميع الشعب ، انطلقت بنا
الحافلة في اتجاه قرية أ متضي ، تقع قرية أمتضي بمنطقة سوس الأقصى بجنوب المغرب
,تتوفر على جماعة قروية تأسست سنة 1991م و تتبع إداريا لجهة كلميم-السمارة وتقع
ضمن النطاق الترابي لإقليم كلميم...
وتتوزع ساكنة المنطقة على دوارين
رئيسيين وهما دوار أكلوي ودوار إدعيسى.
تتوفر القرية على طريق معبدة تتفرع عن
الطريق الوطنية الرابطة ما بين مدينة بويزكارن ومدينة طاطا ..القرية زودت بشبكة
التيار الكهربائي قبل حوالي عشر سنوات ,إضافة إلى شبكة الهاتف الثابت وتغطية
الهاتف المحمول، كما تتوفر القرية على مدرسة إبتدائية ،ومستوصف صغير لا يلبي
الحاجيات الصحية للساكنة ..ووحدتين فندقيتين . و تعتبر قرية
أمتضي من المواقع السياحية المهمة بجنوب المغرب ،رغم أنها لا تزال مجهولة لدى
الكثيرين...تتوفر المنطقة على مؤهلات طبيعية وإرث تاريخي و إجتماعي غني يؤهلها
لتكون من المناطق الوطنية الناذرة التي تجمع بين الطبيعة الخلابة و المآثر
التاريخية التي مازالت شامخة... و يجهل أصل تسمية المنطقة ب"أمتضي
"..وكلما هو معروف أن المنطقة كانت تسمى قديما قبل أن يستقر فيها السكان
ب"أكني أوزكار
"
وفي الساعة السابعة ونصف تقريبا وصلنا
مدينة بويزكارن ، تناولنا فيها فطورنا استرحنا قليلا لنواصل المشوار وفي طريقنا
نصادف تكوينات جبلية قديمة جدا باعتبارسلسلة جبال الاطلس الصغير قديمة التكوين
وظهرت فيها الالتواءات والانكسارات ... وهي بمثابة مختبر متنقل ، وقدم لنا بعض
الاساتذة شرحا لهذه التكوينات التي صدفنها، وبعد بضع الدقائق وصلنا الى تغجيجت
واحة النخيل حيث تخفيها أشجار النخيل وبساتين الواحة عن الناظرين ، وتمنحها حماية
طبيعية .وهي بمتابة تنين يحرسها من كل الجوانب وتذكرت قول احد الشعراء
وقد قال في وصف النخلة : كن كالنخله
عن الاحقاد مرتفعاً يرمى بصخر فيعطى اطيب الثمر .
اما أناأقول: ( سلام على هضبات تغجيجت
وواحاته والجرفي والمنحنى على النخل ذي السفات الطوال على سيد الشجر المقتنى) وبعد التجوال في واحة تغجيجت وأخد
الصور،
اتجهنا مباشرة الى قرية أمتضي ، وعند
وصولنا وجدنا مرشدنا محمدأمرير في إنتظارنا ، كما يمكن ان اذكر طبيعة الناس الذين
استقبلونا فهم كما الناس في الجنوب عامة لطفاء ظرفاء كثيروا الكرم يسامرونك عندما
تريد و لا تنقضي طرائفهم و لن تسأم منهم ابدا .....
وبسحر المنطقة أخذ الاساتذة يأخدون
االصور بلهفة لبناء ضخم كأنه ناطحة السحاب انه اكودار
ü
قـصبة ادعيـسى بأمتضـي :
تعتبر قصبة ادعيسى من أهم المآثر
التاريخية بقرية أمتضي هذه المعلمة التي تبعد بحوالي 120 كيلومتر شمال شرق ﯖلميم ،
وهي عبارة عن حصن منيع مشيد على قمة جبل مشرف على وادي أمتضي ، ويرجع تاريخ تشييد
هذه القصبة إلى القرن 17 م وبعض المصادر تشير الى القرن 12م، لهذا الحصن باب واحد
أزقته ضيقة ومنحدرة وتؤدي إلى بيوت متفاوتة الأحجام والتصاميم ، فهناك بيوتا صغيرة
وضيقة مكونة من طابق واحد وأخرى من طابقين ، وتقدر هذه البيوت حسب المشرف على
الحصن بحوالي 90 بيتا ، وحسب الرواية الشفوية فان كل عائلة من أهل القرية كانت
تملك بيتا بهذه القصبة تستعمله للتخزين باعتباره حصن منيع ومؤمن وبه حراس مهمتهم
الأساسية هي حماية ثروات أهالي القرية ، هناك أيضا خزانات للمياه المستعملة للشرب
وتوريد البهائم أو مايسمى محليا ب " تينوطفيوين"]يتضمن الحصن أيضا عددا
من الخلايا الخاصة بالنحل ، وفي كل ركن من أركان القصبة الأربعة هناك أبراج عالية
تستعمل لمراقبة الأراضي الزراعية وحمايتها من الهجمات الخارجية ،وكذالك تتوفر على
ملاجي حاصة بالاطفال والنساء وقت الحروب والمنزعات ، وللوصول إلى هده القلعة شيد
السكان مسلكا في الجبل ، إلا ان هذا المسلك ليس سهلا وانعراجاته صعبة وهذا مافسح
المجال أمام مالكي الدواب لتنظيم رحلات لفائدة السياح على ظهر الحمير. ولكن رغم
مشقاته والتعب وبسبب الامل والطموح استطاع جل الاساتذة الوصول اليه رغم التعب الذي
شعرنا به والخوف الذي اصابنا عندما ادركنااننا تهنا في الجبال الوعرة ولكن عندما
وصلنا الى القمة شعرنا براحة البال والطمأنينة
.
هذه المعلمة كانت في الماضي تلعب
أدوارا اجتماعية واقتصادية وأمنية أما اليوم فهي تعتبر من المآثر التاريخية التي
تستهوي أفواجا هائلة من السياح رغم ماتعانيه من خراب ودمار. وفي الجهة المقابلة
هناك إكودارقصبة اخرى تنتمي لقبيلة أكلوي ولكن لضيق الوقت، وبعده ،حال دون زيارتها
، وبعد صعودنا من الجبل توجهنا الى الزاوية الدرقاوية بقرية أمتضي الجبلية
الهادئة. إنها المنطقة التي يقام فيها الموسم السنوي لهذه القرية وهوالمكان الذي
ستعيد فيه لجنة الطبخ وجبة الغذاء والتي فعلا كانت وجبة داسمة بمعنى الكلمة ،
وتشكر لجنة الطبخ على ذالك...
امتودي amtoudi باللغة الفرنسية قرية امازيغية في قلب
جنوب المغرب مميزة و رائعة باعتبارها واحة داخل فج . انها عالم اخر جديد لم اتصور
ان يترك كل هذا في نفسي على كل اعترف انها واحة جميلة في قلب واد عميق فيها عين
على بعد خمس كليومترات عبر تسلق الجبال لكنه يستحق كل ذلك التعب الذي خضناه في
التسلق و المخاطرة في السقوط فعلا قضينا هناك يوما ممتعا، تلقينا برحلة اخرى قادمة
من طاطا ودردشنا مع الاساتذة واستمتعنا برقصة أحواش لتلميذات وثلاميذ ثانوية
العيون بطاطا انها لوحة رائعة امتزجت بخرير المياه وزغاريدالطيور... وننوه بأمثال
هؤلاء وتحية ألف شكرمن اعماقنا لهم، انه يوم لاينسى في ذاكرتنا .
لكن وللأسف بالرغم من غنى وتنوع
الموروث الثقافي المغربي المادي ولامادي إلا انه يعاني إجحافا كبيرا على أكثر من
مستوى فلا هو يحظى بالاهتمام اللائق على مستوى الترميم ،المحافظة ..... ولاهو يقع
في صلب المخططات الاقتصادية أو التنموية ،هدا بالرغم من كون التراث الثقافي
المغربي يصنف من أغنى أشكال التراث على مستوى العالمي ، هدا الغنى والتنوع راجع
إلى تعدد الحضارات والأقوام التي عمرت ولازالت حتى الآن ، إلا أن الواقع الذي
يعيشه التراث لايجعله يستفيد من هدا التصنيف، هده الوضعية الغير المشرفة التي
يعيشها الموروث الثقافي المغربي جعلت أصوات كثيرة تنادي بإعادة الاعتبار لهدا
الكنز الثمين باعتباره عنصرا أساسيا في تقوية الإحساس بالانتماء والتشبث بالهوية .
التراث هو لسان التاريخ الذي يتجسد في قرية أمتضي وغيرها في ربوع بلدي الذي ينطق
بالوقائع والأحداث من خلال ما تبقي من مظاهره وما وصل إلى الأجيال اللاحقة من
شدراته لهذا نجد الأمم تعزز بتاريخها وبمظاهر تراثها ، وتحافظ على معالمها ما أمكن
وتعتبره بمثابة كنز يجب الحفاظ والحرص عليه ، لهذا أصبح من المفروض علينا الاهتمام
بتراثنا الثقافي الذي يتعرض للاندثار بسبب التخريب ،التشويه سواء عن وعي أو غير
وعي
.
إن الوعي بأهمية ودور التراث في
التنمية لن يتأتى إلا بسياسة متكاملة الجوانب تستحضر في مضمونها ما هو تربوي
وثقافي وامني وقانوني بفضلها نستطيع أن نحمي التراث الثقافي ونعمل على تطويره
واستغلاله. وعليه فان اعتماد الثقافة من المنظورالإنتاجوي وليس الرمزي هو الرهان
المستقبلي للعديد من الجهات المغربية خصوصا تلك التي تعرف تهميشا وتأخر على مستوى
التنمية ووعيا منا بأهمية التراث سواء على المستوى الرمزي باعتباره رمز لهويتنا
وتاريخنا أو على المستوى التنموي وكل هذا يتجسد في هذه القرية الهادئة سواء
بماثرها اوبواحتها اوبسكانها...
وفي الاخيرأنوه وأشكر جمعية مدرسي
مادة الاجتماعيات بتيزنيت صاحبة المبادرة واللجنة المنظمة لهذه الرحلة ،وكذالك
السلطات المحلية، واشكر من أعماق قلبي الوسائل الاعلامية التي واكبت هذه الرحلة
وأخص بالذكرجمال من تيزنيت الانnow ،
وإلى كل من ساهم من بعيد اوقريب في انجاح هذه الرحلة اقول شكرا جزيلا.
الحسين البقالي : استاذباحث وفاعل
جمعوي
Aucun commentaire