وباء كورونا والانتخابات المغربية
يكتبها الأستاذ الباحث : الحسين البقالي
قال صاحب الجلالة محمد السادس في خطابه الأسبوع الماضي بمناسبة الذكرى 69 لـ"ثورة الملك والشعب"، قال العاهل المغربي، إن إجراء الانتخابات التشريعية والجهوية والمحلية في نفس اليوم يؤكد عمق الممارسة الديمقراطية في المغرب، ونضج البناء السياسي المغربي. وفعلا برهنت هذه الانتخابات في تبصر جلالة الملك حيث مرت في جو من الشفافية والمسؤولية والديمقراطية والتنافس الشريف بين جميع الأحزاب رغم جاءىحة كورونا ورغم ماخلفته من تداعيات اقتصادية واجتماعية...سواء في المغرب او العالم بكامله.
فهذه الاستحقاقات، التي تأتي لتعزيز مقومات الديمقراطية المحلية، تكتسي أهمية خاصة على اعتبار أنها ستفتح مرحلة جديدة في تدبير الشأن المحلي، لاسيما بعد تقديم التقرير العام للنموذج التنموي الجديد، الذي يشدد على دور الجهات والمجالس الترابية في تنزيل النموذج التنموي المنشود.
كما ستواصل هذه الانتخابات الجماعية والجهوية عملية بناء وتعزيز صرح الجهوية المتقدمة، وهو الورش الاستراتيجي الذي تراهن عليه المملكة للارتقاء بكافة مؤشراتها التنموية، وذلك من خلال اختيار ممثلين عن المجالس التي ستناط بها مهام تسيير الجهات الـ12 للمملكة.
أعلنت وزارة الداخلية المغربية أن حزب التجمع الوطني للأحرار تصدر الانتخابات البرلمانية بحصوله على 97 مقعدا، في حين سجل حزب العدالة والتنمية تراجعا كبيرا بحصوله على 12 مقعدا فقط، بعد فرز 96% من ألأصوات.
وفي مؤتمر صحفي لوزير الداخلية المغربي عبد الوافي لفتيت عقده في وقت متأخر من مساء الأربعاء، قال إن حزب الأصالة والمعاصرة جاء في المرتبة الثانية بحصوله على 82 مقعدا، فيما حصل حزب الاتحاد الاشتراكي على 35، وحزب الحركة الشعبية على 26، وحزب التقدم والاشتراكية على 20 وحزب العدالة والتنمية على 12
كما أ بانت هذه الانتخابات على ارتفاع نسبة المشاركة هذا العام ووصلت في بعض المدن الجنوبية إلى نسبة اكثر من 80% في اساء الزاك وسيدي افني الى73% وقالت وزارة الداخلية إن نسبة التصويت بلغت 50.35%، على الصعيد الوطني بينما تخطت نسبة المشاركة في بعض المناطق الجنوبية 66%، بزيادة مهمة عن النسبة المسجلة في انتخابات 2016 وهي 43%.
ويمكن تحديد عوامل ارتفاع نسبة المشاركة الى :
1_اجراء هذه الاستحقاقات الى اجتماع هذه الانتخابات في يوم واحد 2_نضج الديموقراطية المغربية... 3_ اقبال على مكاتب التصويت رغم برودة الحملة الانتخابية بسبب وباء كورونا
وأكد الخبراء فإن اكبر انتكاسة عرفها الحزب الاسلامي ويرجع ذلك في رأيي إلى أن العدالة والتنمية لم يغطي جميع الدوائر الانتخابية البرلمانية ففي 2016 عطى الحزب 1500 ولكن 2021 لم يغطي سواء 700 مقعد .
هناك ايضا الظرفية التي حكم فيها هذا الحزب وهي ظرفية صعبة وبالتالي عقاب من طرف الشعب المغربي الذي ينظر الى العدالة والتنمية انه الحزب الذي لم يقدم أي شيء في التنمية الجماعية طيلة فترة تواجده بل يرجع إليه الشعب جميع الازمات التي عرفتها البلاد .بل إن مواطنين في أكثر من جهة ومنطقة طردوا مواكب سيارات الحملة الانتخابية التي زارتهم، وأظهرت من فيديوهات على موقع اليوتيوب طرد الشباب لممثلي حزب العدالة والتنمية الذي يرأس الحكومة منذ عشر سنوات. حيث واجه الناس أكثر من مرشح إسلامي بكونه لم يغير شيئا ولم يف بوعوده الانتخابية، وإنما غير فقط وحسن من أحواله. وبالتالي كل هذه العوامل وغيرها عرف الحزب اكبر انهزام في تاريخ الانتخابات المغربية.
كما أن الدرس المستفاد من هذه الاستحقاقات الانتخابية تحتاج لمزيد من الصبر والتاطير والعمل الدؤوب والتوجيه طيلة السنوات الخمس وخير مثال حزب التجمع الوطني للاحرار دخل الى النقابات والتعاونيات والفرق الفلاحية والمهنية وحتى الجانب الثقافي...ونفس الشيء قام به حزب العدالة والتنمية 2016 لكن هذه السنوات الأخيرة دخل الحزب في مشاحنات وفقدان تواجده وفي الصيف هذه السنة فقد جل مقاعد الغرف المهنية والنقابية وخاصة نقابة التعليم أسرة التعليم الطبقة الوسطى التي كان يعول عليها هذا الحزب...
ومن. المنتظر تشكل الإئتلاف الحكومي من حزب الأحرار المتصدر للإنتخبات ووصيفه الثاني حزب الإستقلال الذي يتوفر كذلك على كفاءات جيدة و حزب الأصالة والمعاصرة وحزب الحركة الشعبية و حزب الاتحاد الدستوري الذي تربطه بالحزب الفائز مواقف سياسية متقاربة و تنسيق جيد، وقد يلتحق كذلك بهذا الإتلاف الإتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية.
ومن الأكيد أن رئيس الحكومة الجديد سيستعين بالكوادر و الكفاءات العالية التي تتوفر عليها هذه الأحزاب لتكوين فريق حكومي قوي وفعال قادر على تنزيل انتظارات جلالة الملك و انتظارات المواطنين. وقد تضم الحكومة نسبة مهمة من العنصر النسوي في إطار مقاربة النوع وستظم كذلك عناصر شابة ستتولى مناصب حكومية لأول مرة.
ان شكل ومضمون الحكومة الجديدة سيكون أول الأجوبة على أنتظارات المواطنين و نتمنى ان يتوقف رئيس الحكومة الجديدة في كسر التقليد القديم في تشكيل الحكومة و القائم على التراضي و التنازلات و منطق التوافق المبني على المصلحة الشخصية و الحزبية. فمزيدا من العمل والصبر والنجاح والتقدم لما فيه مصلحة الوطن والمواطنين وتقديم المصلحة العامة على المصلحة الشخصية والله والي التوفيق
Aucun commentaire