اخر الأخبار

شخصيات من الجنوب المغربي : لسيد الحاج محمد الحبيب البوشواري الميلكي التنالتي (المعروف : سیدی لحاج لحبيب) *الحلقة الثانية*


شخصيات من الجنوب المغربي : لسيد الحاج محمد الحبيب البوشواري الميلكي التنالتي (المعروف : سیدی لحاج لحبيب)  *الحلقة الثانية*

من اعداد الأستاذ الباحث : الحسين االبقالي


المدرسة العتيقة سيدي الحاج الحبيب لتنالت tanalt - Home | Facebook

تعتبر سوس معقل المدارس العتيقة وموطن العديد من الفقهاء الاجلاء تخرج على يدهم العديد من الطلبة و حاملي العلم. وو جدت بالصدفة صور لبعض هؤلاء الفقهاء و العلماء و ابرزهم . كان فقيها ورعا تقيا و كان وليا من اولياء الله الصالحين .كان يحج اليه العديد من الشخصيات المرموقة لنيل 'البركة' التي كانت تلازمه .هو الدي اقبلت الدنيا عليه و رفضها و فضل مدرسته و طلبته على القصور والجاه .انه "سيدي الحاج الحبيب" بمدرسة تنالت الذي تخرج على يده العديد من طلبة العلم هم الذين حكوا لي عن ورع سيدي الحاج الحبيب

جهاده ضد الاستعمار الفـرنسي

 

راجع فيما يبدو إلَى كتمان الشيخ كل أشكال المقاومة التي أبداها حيال الاستعمار، وليس كالذين يسترسلون فِي كل ما وقع لهم نادراً، وما لَم يقع لهم غالباً، ليُقال إنهم وطنيون، وربما لا يحكي ما جرى له حتى للخاصة ولا لطلبته، فكيف بغيرهم، لأن جواسيس الاستعمار يسترقون السمع حوله لِما كان يتمتع به من قوة روحية، ومكانة علمية عالية.

ومن نوادر ما تواتر عنه رحمه الله خروجه مع كبار مشاهير الفقهاء لمساندة ابن الشيخ ماء العينين أحمد الهيبة ضد الاستعمار، ومرافقته حتى رجوعه من مراكش، وهو الذي يترجم له اللغة الأمازيغية بالعربية، وبعد وفاة الهيبة اجتاح الاستعمار قبائل سوس، فبدأ يلقي القبض على كبار الفقهاء والمجاهدين، وأحاط بسوس من كل الجوانب إحاطة السوار بالمعصم، فاستغلظ على قبائل سوس فاستوى، فالْتجأ الشيخ سيدي الحبيب وقتها إلَى أيت بعمران سنة 1922 وبدأت القبائل الهشتوكية مدعومة بأخرى من سوس تضغط على الاستعمار من أجل رجوع الشيخ إلَى معقله العلمي، وتوالت الصدامات والاضرابات، وكثرت التنديدات والاعتصامات فضاقت أحواز سوس بالمستعمر بما رحبت، فتوجس خيفة فأصدر أمراً بالسماح للشيخ بالرجوع، لما حيل بينهم وبين ما يشتهون، فرجع الشيخ مرفوع الرأس إلَى تنالت، فزادت صلابته على الاستعمار لعلمه وصلاحه قوة على قوة.

وبعد أن جال الشيخ مع حِيَلِ الفرنسيين جولات، وصال معهم فِي الحروب السرية صولات التجأوا إلَى حيلة ماكرة فاقترحوا عليه أن يكون قاضياً شرعياً على قبائل اشتوكة لينشغل بها دون غيرها، فأسرها في نفسه ولَم يبدها لهم فرفض خطة القضاء، وتعلل وقتها بتقديمه نشر العلم والمعرفة على القضاء، فلما لَم يجد الاستعمار حيلة أخرى دَسَّ له أحد المخبرين والجواسيس سماً قاتلاً فمرض، لكنه شفي منه بقدرة الله.

وهكذا ظل الشيخ العارف المصلح سيدي الحبيب التنالتي يشجع تلاميذه ومريديه سراً ضد الاستعمار حتى شلت حركة المحتل، وضعف أمره، فزلت أقدام جواسيسه بعد أن اعتقدوا ثبوتها، فما لهم فِي سوس بعد ذلك من قوة ولا ناصر، وتراجعوا إلَى معاقلهم لأنهم علموا إن أعادوا الكرة مَن أضعف ناصراً وأقل عدداً، فكان للشيخ دور هام فِي إزاحة المستعمر من سوس فِي عز قوته وجبروته يَحِقّ للسوسيين أن يتباهوا بضراوةِ جهاده ضد المستعمر، وبسالة دفاعه عن حوزة الوطن، خصوصاً عند مقارنته مع المجاهدين فِي سوس بشكل عام، وكبار المقاومين فِي المغرب بشكل أعم.

بعض المصنفات والكتب التِي أُلِّفت فِي الشيخ مرتبة حسب تاريخ تأليفها:

1-الرتائم الجميلة فِي ذكريات الحبيب الجليلة للفقيه عبد الله الفارسي طبع سنة 1992.

2- الشيخ بين يديك للفقيه إبراهيم بونصير وهو من تلاميذ الشيخ سيدي الحبيب، وسألته عن تاريخ تأليفه فقال: كنت بدأته بين يدي الشيخ لما كان حياً، وأقتنص كل الفوائد والمستملحات وأحوال الشيخ التي أشاهدها إلَى أن توفِّي فزدت له أضعاف أضعافه بعد ذلك توسيعاً لترجمته وهو فِي حدود 600 صفحة .

3-العلامة الشيخ الحاج الحبيب البوشواري للطالب تفوين محمد، وهو في الأصل بحث مرقون لنيل الإجازة العليا بكلية الشريعة أيت ملول برسم الموسم الجامعي 1994-1995.

4- التصوف بسوس الحاج محمد الحبيب التنالتي نموذجاً للطالبين: حسن بوحملوش وعمر أعيون، وهو في الأصل بحث مرقون لنيل الإجازة العليا بكلية الآداب جامعة ابن زهر برسم الموسم الجامعي 1995-1996.

5- رسائل الشيخ الحبيب الساطعة فِي تقوية الروابط الإنسانية الجامعة للفقيهين: عبد الله الفارسي والمختار بيزكارن طبع سنة 1997.

6-أعمال ندوة نظمتها كلية الآداب والعلوم الإنسانية جامعة ابن زهر تحت عنوان: “سيدي الحاج الحبيب التنالتِي فكره وجهاده” وذلك أيام: 29-30 أبريل 2005. وقد طبعت جامعة ابن زهر الكتاب وهو متداول.

7-ديوان شعر كبير، قلت وظن الأستاذ محمد تفوين في بحثه الموسوم: الشيخ الحاج الحبيب البوشواري أن تلاميذه حفظوا له مجموعة من الأدبيات الثمينة منها ديوان شعر يقدر بأربعة آلاف بيت جمعه تلميذه سيدي الحاج عبد الله أيت وغوري وهو غلط، لأن الفقيه سيدي عبد الله جمع ديوانين أحدهما في مختلف الأشعار والأراجيز والمستملحات الأدبية قد تكون من بينها القصائد المهداة للشيخ، وديوان آخر خاص نظمه في نسبه ونشأته العلمية وأخبار أسرته، دون أن يخصص ديواناً لأشعار الشيخ كما أخبرني بذلك أحد أبنائه .

التكامل المعرفِي عند الشيخ سيدي الحبيب

إن من تأمل الحياة العلمية للشيخ سرعان ما سيتضح له أن الرجل علامة متفنن يخوض في كل العلوم النقلية والعقلية، ويغوص في بحارها فيستخرج منها درراً نفيسة وحِكماً جليلة، أما التصوف فهو ديدنه وعشه الذي لا يفارقه، فبالإضافة إلَى ذلك فقد كان رحمه الله مجاهداً مناضلاً، وأديباً وشاعراً، ومصلحاً اجتماعياً، ومتخصصاً فِي نوادر الطب التقليدي حتى سَدَّ باب الزيادة فيه، ومدرساً كبيراً تخرج على يديه المئات من الطلبة، ونوازلياً ماهراً مالت نحوه كل النوازل الهشتوكية ميلة واحدة، كل هذا مع الزهد والتقوى والصلاح، فاستحق بذلك أن يكون ولِي الفقهاء، وفقيه الأولياء، لا يوجد من يُدَانيه فِي رتبته علماً وصلاحاً، فكيف أن يوجد أحسن منه، والحاصل أن الرجل وما أدراك ما الرجل اجتمع فيه من الخصال الحسنة والفضائل الحميدة ما تفرق فِي غيره من العلماء السوسيين.

متلقاه القرآن الكريم والعلوم و ذكر أشاخه إجمالا و تفصيلا


تنالت تتحول إلى قِبلة لطلبة القرآن في ذكرى رحيل "الحاج الحبيب"

لما سأله تلميذه البار السيد امحمد بن احمد السملالي عن أحواله في ابتداء أمره وعمن أخذ عنه القرآن و العلوم وعمن أخذوا عنه من التلاميذ المستفيدين في البلاد السوسية و غبرها وعمن أخذوا عنه في البلاد الشرقية أخذا و إجازة , أجاب بقوله رحمه الله : كيف يكون الجواب الحقيقي عن هذه الأحوال و الأطوار الطويلة المدى الدقيقة المعنى الجليلة المغنى اللذيذة المجتنى ممن أدبر عن الدنيا و أهلها إدبارا كليا واستولى كثير النسيان عليه بمرور الأجيال و الأحيان مع توجهه التام إلى الآخرة بخدمة العلم و كثرة الأوراد قصد التزود للسفر إلى دار المعاد آناء الليل و أطراف النهار و الرغبة عن تزكية النفس بالرغبة في الخمول والأستتار و الكمون فإن الظهور كما قيل يقصم الظهور , ولكن أقول كما قيل : ما لايدرك كله لا يترك جله , فأخبر أنه أخذ القرآن الكريم عن المولى الكبير محمد بن عبد السلام في حي / إغير ملولن / الهشتوكية الملكي الصحراوي أصلا , وما تيسر عن الفقيه القارئ محمد بن العربي الأمزالي وعن الفقيه الحاج علي الهلالي التوف العزتي , وعن العلامة الكبير السيد أحمد بن آل الأمين التوزويني المشهور , وعن العلامة السيد سعيد المغراوي وعن هذين الاخيرين تم تحصيل ماشاء الله من بعض اصول القراءات كقالون و المكي وغير ذلك زيادة على قراءة ورش …..


وأما الطريق و المعارف و العلوم التي تدرس في هذا البلد , فعن العلامة سيدي العربي بن ابراهيم – يعني – زوج اخته , و العلامة السيد الحاج ابراهيم البشواري والده , و العلامة السيد الطاهر بن محمد ازنض في مراكش , و الشيخ العلامة السيد محمد بن ابراهيم السباعي في مراكش أيضا , و القطب الشيخ ماء العينين في تزنيت مع الإجازة , و المجاهد الاكبر الشيخ احمد الهيبة بن الشيخ ماء العينين أيضا , و العلامة الشيخ جعفر الكتاني المهاجر إلى المدينة المنورة أخذ عنه هناك نحو 1331ه موافق 1911 , و الشيخ حمدان التونسي أخذ عنه في الحرمين الشريفين , والشيخ يوسف بن اسماعيل النبهاني في المدينة ايضا و هذا ما وقفنا عليه من أشياخنا إجمالا .

وفي السنوات الأخيرة يلاحظ مواكبة احتفالات موسم أيت باها بذكرىالولي الصالح سيدي الحاج محمد البوشواري دفين تراب مدينة أيت باها، والذي ابتدأت منذ سنوات التسعينات بعد وفاتهوفي الحقيقة ان احتفالات موسم ايت باها كانت تقام قديما قبل ظهور الشيخ البوشواري في أرضه، ولا علاقة لها بذكرى هذا الولي، بل هي مظاهر احتفالية أقيمت على شرف هذا الصالح لاضافة نسمة دينية على هذا الموسم الاقتصادي المحض ما الولي الصالح سيدي الحاج محمد البوشواري المدفون في تراب أيت باها، فقد كان أحد أعلام منطقة أيت باها علما وصلاحا، وقد خص له العلامة محمد بن عبد الله موحتاين،

بحثا خاصا بترجمته، ونقتبس منه ما يلي



هو نجل الشيخ الولي سيدي الحاج عابد البوشواري دفين تاكوشت بقبيلة أيت صواب بضواحي تانالت، والمتوفى عام 1350 هـ موافق 1931 م وله من العمر ثمانون سنة،أما ابنه سيدي الحاج محمد البوشواري، دفين أيت باها،فقد ولد سنة 1316 هـ موافق 1898 م في قرية،تيفيراسين بقبيلة أيت فَلاَّس التابعة لاتحادية قبائل أيت وادريم والواقعة في دائرة أيت باها، وينتمي الى الشرفاء الوزانيين ثم الأدارسة الحسنيين، ودرس في بداية حياته العلمية على شيخه الفقيه سيدي المحفوظالأدوزي، ثم على والده العلامة سيدي الحاج عابد البوشواري، ثم على العلامة الولي الصالح الشهير سيدي الحاج محمد الحبيب البوشواري دفين تنالت، ثم على الفقيه سيدي ابراهيم بن مبارك الصوابي الوانتودني، في مدرسة إيكونكا، على مقربة من أيت باها، وبعدما نهل من العلوم والعرفان اتجه الى التدريس،وتعليم طلبته فشارط في مدرسة سيدي ابراهيم اوعلي بقبيلة أيت وادريم، ثم انتقل الى مدرسة إيكُونْكَا، ثم مدرسة أيت يعزى بأشتوكن أوزاغار، ثم عاد الى مدرسة إيكونكا، فمكث فيها حوالي سبع سنوات، وبعدها لازم زاويته في الى مدرسة إيكونكا، فمكث فيها حوالي سبع سنوات، وبعدها لازم زاويته في بيته بأيت باها، وأثناء ذلك كان يتولى الخطابة والوعظ والإرشاد بالمسجدالمركزي بأيت باها، كما كان يسرد فيه صحيح البخاري في شهر رمضان المبارك،وبقي على حاله تلك قانتا تائبا عابدا عامرا لبيت الله الى أن وافته منيته سنة 1391 هـ موافق 1971 م، فدفن بجوار مسجده في أيت باها، وبنيت عليه قبة وهي الآن ماثلة للعيان أمام زوار صاحب هذا الضريح الطاهر، وهو شرف كبيرلموسم أيت باها أن يكون هذا الولي الصالح إمام وسيد هذا البلد العريق.

مناسبة سيدي الحاج الحبيب التنالتي تتجدد في ذكراها الرابعة والأربعين.                                                               وبهذا تكون هذه الذكرى التِي ستقام يوم الأربعاء والخميس 25-26 محرم 1441 الموافق لـ: 25-26 أكتوبر 2019 مصادفة للذكرى الرابعة والأربعين، وهي ذكرى يُجدِّد فيها تلاميذه الصلة الروحية بشيخهم بشيخهم، ويوطدون وشائج التلاقي بينهم، سيما وأن كبار تلاميذه المعمرين الآن قاب قوسين أو أدنَى من وصولهم المائة، وهم السابقون الأولون لإحياء هذه الذكرى، وتبعهم تلاميذهم والسواد الأعظم من محبي الشيخ بإحسان إلَى يوم الدين .

من تعزية عالِم ربانِي مصلح إلَى ذكرى كبيرة تتجدد كل سنة

استقيت من كبار تلاميذ الشيخ سيدي الحاج الحبيب أنهم أقاموا مناسبة متواضعة لشيخهم حين لقي ربه قبل أربعة وأربعين سنة، وحضر فيها تلاميذه وكبار أعيان قبائل تنالت وهم وقتها لا يتجاوزون المائتين على أقصى تقدير، ثُم اتفقوا فـي اجتماع بينهم بعد ذلك أن تُقام فِي العام المقبل ذكرى سنوية للشيخ، ومع اختلافهم أولاً فِي كيفية إقامتها، والترتيبات التِي ستَجري بها، ومن سيتولَّى الإشراف عليها لكنهم سرعان ما توحَّد رأيهم، واجتمعت كلمتهم على وضع الأسس الكبرى للسير العام لتلك الذكرى، ومنذ ذلكم الحين بدأت تلكم الذكريات تتوالَى إلَى الآن، وذلك شأن كل ما أسس على التقوى من الله ورضوان.

ثُم بدأت تشتهر مع مرور الأيام وانصرام الأعوام، فازدادت فيها عوائد حسنة، وآثار محمودة، وتقاليد مرضية، وينتقي لها المجلس العلمي المحلي لاشتوكة أيت باها علماء أكفاء، وصلحاء أتقياء لتذكير الناس بمناقب الشيخ وآثاره، وإرشادهم بما فيه صلاح دينهم ودنياهم، وسينظم ندوة في الموضوع نحت عنوان: أثر رجال التصوف في ترسيخ الأمن الروحي يؤطرها عدد من المرشدسن الدينيين فضلاً عن الإشراف على قراءة القرآن، والأمداح النبوية، ومختلف القصائد الأخرى التي جرى عمل السوسيين على إنشادها فِي مناسباتهم المختلفة.

ومن المتوقع أن يحضر فِي هذه الذكرى أكثر من ألْفي شخص، علاوة على الوفود الرسمية، ومختلف الزوار من كل مناطق المغرب، وما من ذكرى والحمد لله إلا والتِي بعدها خير منها، سيما مع تشوق الكثيرين للسماع لكرامات الشيخ، وزهده وصلاحه ليزدادوا إيماناً، ومن ثَم يسعى المنظمون والمشرفون على الذكرى إلَى إبراز كفاحه فِي التدريس، ومقاومته ضد الاستعمار، فكانت كل آثاره وكأنها تدل عليه هناك.

فبعد التمهيد بحفريات عامة حول مجمل المراحل التاريخية للذكرى، لا بأس أن أُذَكِّر السادة القراء الأعزاء ببعض سيرة الشيخ سيدي الحبيب التنالتي، وامتداداته الصوفية التي من معينها شرِبْ، وكذا بعض شيوخه الذين أخذ عنهم عِلْمَيْ الظاهر والباطن، وتلاميذه الأحياء الوارثين لسره، والتذكير بالمدارس التي شارط فيها، وغير ذلك من الأمور المتعلقة بحياته رحمه الله

لا جرم أن الشيخ المربِّي سيدي الحاج الحبيب تربَّى على يد كبار مشاهير المتصوفين فِي عصره يتقدمهم والده سيدي الحاج إبراهيم البوشواري الدرقاوي، وعميد الناصريين في وقته الفقيه سيدي الحاج عبد الرحمن البوشواري المشهور بالحاج عابد –والِدُ الفقيه البركة سيدي الحاج محمد فقيه مدرسة أيت إعزا – والعلامة أبِي العباس الجشتيمي، وكذا الشيخ ماء العينين، بل أذن له الأخير لتلقين جميع أوراد الطرق الصوفية، وكان الشيخ ماء العينين يُـقَبِّل الحاج سيدي الحبيب بين عينيه كلما زاره كما أخبرنِي بذلك فقيه مدرسة أيت اعزا المرحوم سيدي الحاج محمد البوشواري.

فأنت ترى تعدد مشارب أولئك السادة الصوفية، لكن الشيخ سيدي الحبيب غرف من معينهم الروحي على قدر إناه، ومن هنا كانت تنشئته الروحية، ومنبع تربيـته الصوفية، فتأثر بهم غاية التأثر، وهكذا تدرج فِي مختلف المقامات زمناً طويلاً بِحكم كثرة المواظبة على الأوراد، ومجاهدة النفس، ونقاء السلوك، والتحلي بالزهد والورع، حتى انتهت إليه القطبية فِي زمنه، كما أجمع على ذلك من بعده من كبار الصوفيين، فأحرى بمن دونهم ممن لا يعتبر خلافهم في ذلك، وقديماً قيل: لو سكت من لا يعلم لقَلَّ الخلاف

بعد أن تلقى الشيخ الصالح سيدي الحاج الحبيب العلم على عدد من الشيوخ ظهرت نجابته مبكراً وانفرد على كثير من أقرانه بجمعه -فِي نشأته العلمية- بين علمَيْ أسرار الحقيقة وفقه الشريعة، فاتجه بعد ذلك للمشارطة بعدد من المدارس الكبيرة كالمدرسة الهوزالية بقبائل إندوزال، ومدرسة تازمورت قرب تارودانت، ومدرسة أبِي الرجاء باشتوكة .

>ثُم ألقى عصى التدريس بمدرسة تنالت سنين عدداً، رافعاً راية التربية والتعليم عالياً، فدرس عنده هناك أغلب طلبته، ما زالت آثارهم ترفرف فِي عدد من المدارس العتيقة والجوامع الكبرى بسوس وخارجه       

بيد أن المختار السوسي ذكر فِي موسوعته المعسول [الجزء 17 من الصفحات 286 إلَى 288] عدداً من تلاميذ الشيخ سيدي الحبيب وأوصلهم إلَى أكثر من ثمانين تلميذاً، غير أن أوسع إحصاء لتلاميذه على الإطلاق ما قام به الفقيه عبد الله موحتاين فِي كتابه: الرتائم الجميلة فِي ذكريات الحبيب الجليلة [ص 372 وما بعدها] إذْ أوصلهم إلَى 279 تلميذاً، وهم فيما أظن أكثر بكثير من العدد المذكور، ذلك أنِّي سألت عدداً من تلاميذ الشيخ الحبيب المباشرين عن تخميناتهم عن عدد تلاميذه بالكلية فأغلبهم يُوصل تلاميذه إلَى 500 وآخرون إلَى 700 طالب، ويغلب على الظن أن كِلا التقديرين صحيح وواقع، بل ومُـتَوَقَّع، لأن الشيخ سيدي الحبيب بدأ يُخَرِّج الطلبة منذ سنة 1340 هجرية إلَى وفاته فِي 26 محرم 1397 أي: 57 سنة متصلة فِي التدريس والتربية.


خاتـمة 

تلكم إذن كانت نبذة موجزة ومختصرة عن حياة الشيخ المصلح سيدي الحبيب التنالتِي، وما كان هذا كله ليكون لولا أن ساق الهدي الإلهي تلك الطائفة الصالحة من تلاميذه لإحياء ذكراه، فقد أحسنت صنعاً فِي فعلها ذاك، وسيشهد لها التاريخ المعاصر بذلك، فجزاهم الله خيراً وأحسن إليهم، وهم داخلون بلا شك تحت عموم قوله صلى الله عليه وسلم: “من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلَى يوم القيامة” وهي فِي الحقيقة ذكرى لمن كان له قلب، وطالما شغفَتِ القبائل الأخرى بمن هو دون سيدي الحاج الحبيب، لإحياء آثاره ونشرها، والاحتفاء بذكراه، لكن هذا فضل ساقه الله لأهل تنالت واختصوا به، دون غيرهم فكانوا أهلاً له.

وليس سراً أن الشيخ كان لا يشِيع في حياته محاسنه وكراماته، ولا يذيع مناقبه وفضائله، حتى لقي ربه، لَكنْ بعد وفاته بدأت بعض كراماته تدور على الألسنة، فزاد الناس فيها ونقصوا، وقدموا منها وأخروا، فذاعت شهرته عند كثير من المعاصرين الذين لَم يلتقوا به، وأُوصيكم أيها الأصاغر إن سمعتم بتلك الكرامات من الأكابر ألا تتسرعوا بإنكارها، ولا التعرض لها، ولا التشكيك فيها، لأن ذلك ذوق روحي لا تخمين فكري، لأن قصارى ما فعله الشيخ رحمه الله وسائر أولياء الله الصالحين أنهم يتدرجون ردحاً من الزمن للوصول إلَى مزيد من المنازل والدرجات، لذا لا يمكن أن يَفهم هذا إلا من سلك ذلك الطريق، أو صاحب، ثُم جانس، أو بتعبير الشيخ ماء العينين “لا يفيد فيها التعبير ولو ضربت لها كل مثل” وعملاً بقولهم: الإشارة تغنِي عن العبارة أقول: إن جاحدكم أحد أيها الأكابر، أو خاطبكم من لا يعرف أسرار هذه الطريقة فقولوا له سلاماً.













،






 








Aucun commentaire

'; (function() { var dsq = document.createElement('script'); dsq.type = 'text/javascript'; dsq.async = true; dsq.src = '//' + disqus_shortname + '.disqus.com/embed.js'; (document.getElementsByTagName('head')[0] || document.getElementsByTagName('body')[0]).appendChild(dsq); })();