شخصية من الجنوب المغربي الحلقة الاولى: العالم والفقيه:أبو الطيب مولود بن الحسن السريري السوسي .
شخصية من الجنوب المغربي الحلقة الاولى: العالم والفقيه:أبو الطيب مولود بن الحسن السريري السوسي
من انجاز الاستاذ الباحث :الحسين البقالي
حياته:
بإحدى المدارس العتيقة المشهورة بجنوب المملكة، وبين سفوح جبال الأطلس الصغير بجماعة إفران ضواحي مدينة كلميم، على الضفة الشرقية لوادي الأدباء انزوى الشيخ أبو الطيب مولود السريري العلامة الفقيه الأصولي والشاعر الأديب، بعيدا عن الأضواء ومغرياتها والمدن وضوضائها.
الاسم: أبو الطيب مولود بن الحسن السريري السوسي .
ولد سنة 1963 م . بمدرسة "تعلات" إقليم اشتوكة أيت باها ، و حفظ القرآن الكريم ومفاتيح العلوم الشرعية و اللّغوية على يد والده بمدرسة تعلات
ولد أبو الطيب في الثاني عشر من شهر ربيع الأول سنة 1383 هـ الموافق لـ 3 غشت 1963 بمدرسة "تعلات" في أسرة علمية ودينية بإقليم شتوكة أيت باها وذلك زمن تدريس والده بها، وعلى يديه أتم حفظ القرآن الكريم صغيرا وجمع مبادئ العلوم الشرعية والأدبية وعمره لا يتجاوز السادسة عشرة.
عزلة الشيخ ونشأته وسط الضواحي القروية مكنته من ولوج ميدان التأليف والتصنيف، فبرز نجم أبو الطيب كعالم وفقيه وشاعر، فأثرى المكتبة بكتاب" تجديد علم أصول الفقه والقانون في تفسير النصوص" ، وكتاب "مصادر التشريع الإسلامي وطرق استثمارها عند الإمام الفقيه المجتهد علي بن أحمد بن حزم الظاهري" فمعجم الأصوليين" وهو مجلد يحتوي على علماء أصول الفقه وأصحاب الآراء فيه والمؤلفين فيه، وجمع السريري مناظرات ومحاورات الفقهاء والأصوليين في كتاب بذات الاسم، كما طبع له كتاب منهج الأصوليين في بحث الدلالة اللفظية الوضعية، وغيرها من المؤلّفات المطبوعة، كما أنّ للشيخ مؤلفات وشروحات لجملة من المتون طبع له منها مؤخرا كتاب : "شرح نيل المنى في نظم الموافقات للشاطبي".عزلة الشيخ ونشأته وسط الضواحي القروية مكنته من ولوج ميدان التأليف والتصنيف، فبرز نجم أبو الطيب كعالم وفقيه وشاعر، فأثرى المكتبة بكتاب" تجديد علم أصول الفقه والقانون في تفسير النصوص" ، وكتاب "مصادر التشريع الإسلامي وطرق استثمارها عند الإمام الفقيه المجتهد علي بن أحمد بن حزم الظاهري" فمعجم الأصوليين" وهو مجلد يحتوي على علماء أصول الفقه وأصحاب الآراء فيه والمؤلفين فيه، وجمع السريري مناظرات ومحاورات الفقهاء والأصوليين في كتاب بذات الاسم، كما طبع له كتاب منهج الأصوليين في بحث الدلالة اللفظية الوضعية، وغيرها من المؤلّفات المطبوعة، كما أنّ للشيخ مؤلفات وشروحات لجملة من المتون طبع له منها مؤخرا كتاب : "شرح نيل المنى في نظم الموافقات للشاطبي".
بدأ حياته العلمية طالبا في المدارس العتيقة، ونهل من الفنون العربية والأصول الإسلامية على يد علماء أجلاء بسوس العالمة فتتلمذ على يد الشيخ حسن الشلحي، بمدرسة "إذاو كثير"، والشيخ إدريس التوزويني بمدرسة "توزوين"، ووالشيخ محمد الكُمَّثري بمدرسة "أيت إعزا" الهشتوكية، والشيخ الحاج صالح الصالح الإلغي بمدرسة "الدوو ادرار" الرسموكية، لينطلق لإتمام دراسته في عمر العشرين إلى أقصى المغرب بطنجة، فأخذ العلم على يد كل من الأعلام الشيخ عبد الله التليدي، والشيخ عبد الله بن الصديق الغماري، والشيخ الزمزمي.
وأثناء اشتغاله بالتعلم والنهل من أعلام طنجة كان أبو الطيب مولود السريري يُقدم دروسا لزملائه الطلبة، ولما عاد إلى سوس اشتغل إماما بمسجد "تا مضلوشت" بقبيلة "أيت يحيى" الصوابي، ليلتحق بعدها بالمدرسة العلمية العتيقة بتنكرت مدرسا وقيما عليها سنة 1994.
شيوخه:
أخذ جملة من العلوم على عدد من مشايخ سوس العالمة منهم :
الشيخ حسن الشلحي الشيخ إدريس التوزويني ـ الشيخ محمد الكُمَّثري ــ الشيخ الحاج صالح الصالح الإلغي ـ
ثم أخذ على عدد من مشايخ شمال المغرب أبرزهم :
الشيخ عبد الله التليدي ــ الشيخ عبد الله بن الصديق الغماري ، أخذ عنه فقه الحديث ونيل الأوطار وحاشية الصاوي على تفسير الجلالين ـ الشيخ محمد الزمزمي أخذ عنه الحديث .
أعماله:
ثم بعد ذلك التحق بمدرسة تنكرت العتيقة مدرسا وقيما عليها سنة 1994 م بدوار تنكرت إفران الأطلس الصغير ، ولا زال الشيخ حفظه الله بهذه المدرسة إلى يومنا هذا يلقن فيها العلوم الشرعية للطلبة الذين يقصدون المدرسة من كل الأقطار .
مؤلفاته:
وللشيخ حفظه الله مؤلفات عديدة منها :
منهج الأصوليين في بحث الدلالة اللفظية الوضعية ـ معجم الأصوليين ــ تجديد علم أصول الفقه ـ القانون في تفسير النصوص ـ إستثمار النص الشرعي على مدى التاريخ الإسلامي ـ شرح مفتاح الوصول ـ و غيرها من المؤلفات المطبوعة ، كما أنّ للشيخ مؤلفات و شرحات لجملة من المتون لم تطبع بعد أو بعضها لم ينته الشيخ حفظه الله من شرحها كنظم مرتقى الوصول و شرح نظم الموافقات و غير ذلك ، بارك الله في علم الشيخ و عمره و نفع به الأمة .الخصوصيّة الأولى للفقيه: خصوصيّة الاستحضار الذي ينضوي تحته استحضار الحجج العلميّة الخاصّة بالموضوع المنظور فيه، دليلاً كان أو موضوعَ حكمٍ، مع التمسّك بفَكِّ المضامين الدّالة على الحكم، والتنبه للطوارئ.
وهذا الفرق تجده جليًّا إذا نظرت في هذه المادة - مادة الفقه - فالفقيه حينما تحضر له جزئيَّةٌ يريد النظر فيها؛ فإنَّ ما يستحضره في هذه الحالة يكون خاصًّا به، وذلك لأنَّ الجزئيَّة التي ينظر فيها تستدعي أمورًا يجبُ عليه أن يستحضرها، وهذا لا يختصُّ بموضوع النَّظرِ وحده، بل يختصُّ بالدليل الذي ينظره، فلو أنَّ إنسانًا سئل عن مسألة ولم يكن قد قامتْ به هذه الصناعة؛ فإنَّه لا شكَّ أنَّه سيستحضر اعتبارات وأمورا لا علاقة لها بالطريقة الفقهيَّةِ في تلك الجزئيَّة، وذلك تجده واضحًا في التناقش الذي يكون بين الفقيه والعامي، فهذه الخصوصيَّة هي أوَّلُ ما يتميَّزُ به الفقيه.
خصوصيات الفقيه مع علم فقه الأصول :خصوصية الاستحضار، وخصوصية الاعتبار، وخصوصية الإحساس.
وهذا الاستحضار هو الذي تنضبطُ به الحركة النظريَّةُ، ومعنى هذا الكلام: أنَّك إذا سألت الفقيه عن مسألة في البيع، فإنَّه يلزمه أن يستحضر في تلك الجزئيَّةِ أمورًا تخصُّ ذلك الموضوع، هذه الأمور التي يستحضرها يكونُ مبتناها على ما تقرَّر في الشرع بأدلة مختلفة، وإن استحضر ذلك انضبطتْ له الحركةُ حينئذٍ فيبني عليها ما سيأتي.
ثانيها: خصوصية الاعتبار؛ ومتجلَّى هذا في أمور، أهمُّها التَّمييزُ بين ما يجب إلغاؤه وما يجب اعتباره من المناطات المتدافعة، والأدلَّةِ المتعارضة في الظاهر، يعني أنَّ ما يكون الفقيه متميِّزًا به؛ هو قوَّةُ التَّمييزِ بين الجهاتِ الَّتِي يجبُ أن يعتبرها والجهات التي يجب أن يلغيها، وهذا معتركنا الآن بين أرباب الفقه وبين المثقفين.
فالمثقَّف يميل في العادة إلى التمسك ببعض المسائل التي يرى بأنَّ الشَّريعةَ تعتبرها، فيتمسَّكُ بها في تلك الجزئيَّةِ مع جهله بمواضع الاختصاص.
حينما تعرض قضيَّةٌ من القضايا الفقهيَّة تجد كثيرًا من النَّاسِ يندفعون إلى اعتبار المصلحة أو الحاجة أو ما شابه ذلك في مقام الحكم، أو يغريه الإحسان والتخفيف أو التيسير، ورأى أنَّ هذا أمرٌ عامٌّ شرعيٌّ فيبني عليه الأحكام، ولا يلتفت إلى النَّظرِ في الموضوع هل يقبل هذا الأمر أو لا يقبله.
وذلك أنَّ الصفاتَ العامَّةِ المعتبرة في الفقه، إنَّما تعتبر مع وجود الشروط وارتفاع الموانع، ولكنَّ هذا إنَّما يصل إلى معرفته الفقيهُ الذي تمرَّس في التَّرجيحِ بين المتعارضات، قد ظهر في هذا الزَّمانِ أناسٌ يقولون: إنَّ طريقة نظر الفقهاء فيها انحرافٌ حيث ألغوا أمورًا كان من الواجب عليهم أن يعتبروها؛ لأنَّ الشَّريعةَ تقصدها، فيقولون بأنَّ هذا المنحنى يجب أن يردَّ إليه مبدأ النَّظر في بناء الفقه.
هذه مسألة مع ما فيها من الكلام الطويل عند التحقيق في كلِّ جزئيَّة، هي ما سيعتبره الفقيه أمرًا ملغى باعتبار أنَّ الشريعة قد بنيتْ على الرجحان، وليس على وجود المناط، لأنَّه ما من مسألة لنا تعرض في الدُّنيا كيفما كانت؛ إلَّا وفيها هذا التعارض: جانب المصلحة، وجانب المنفعة في كلِّ شيء، حتى في المحرَّمات، ولكن ضعف التَّمييزِ بين الأشياء سهل على النَّاس ألَّا يميِّزُوا بين المقامين.
ثالثها: خصوصيَّة الإحساس؛ القائم على العقيدة الإسلاميَّةِ والأخلاق، وأساس هذا الإحساس أو مرجعه إلى العدل، وهذا الإحساس يلفى متجلًّى في الأحكام الفقهيَّة الخاصَّة بالضُّعفاء والصِّبيانِ كالنَّساءِ والعاجزين، هذا الإحساسُ ينظم جزئيَّاتِ الفقه، فإنَّ هذا الأمر معتبرٌ في بناء الأحكام الفقهيَّة، وليس كما يخيَّلُ للبعض، أنَّ هذا الضرب من الأخلاق لا يبنى عليه الفقه، الإحساس الذي يجب أن يتَّصف به المسلم، يجبُ أن يكون أيضًا ممَّا يعتبر في بناء الأحكام.
وهذا تجده كما ذكرنا في اعتبار الأحكام التي تكون على هؤلاء النَّاسِ؛ الضعفاء، والصبيان، والنساء، والعاجزين، ومن ظنَّ أنَّ الفقه الإسلاميَّ لم يُبن على هذا ولم ينظم جزئيَّاته؛ فهو لم يستكمل النَّظرَ في المسألة.
ويتجلّى ذلك أيضًا في التسويةِ بين الألم البدنيّ والألم النّفسيّ، وهذا يجري في الأحكام المجراة في موجب حفظ الدين، وفي المرونة بالعمل بالّدليل، وفي المضيّ على موجبه. التسوية بين الألم البدني والنفسي هو ممَّا قام عليه هذا الدين، وذلك لأنَّ الألم النفسي قد يكون أشد وأنكر من الألم البدني، ومن ثمَّ فرق الفقهاء بين أرباب المناصب وغيرهم، كما تجد ذلك في تنزيل الأحكام في باب الإكراه.
فالإكراه في شأن الإنسان ذي المروءة والمنزلة يعتبر فيه الإهانة، وعدّوا فيه من ذلك ضرب قفاه، وضرب قفا ذي المروءة يعدُّونه ممَّا يعتبر من أسباب الإكراه؛ لأنَّ ذا المروءة لو ضُرب على قفاه أمام الملإ من النّاس كان ذلك أشدّ عليه من الضّرب البدني، ولم يعتبروا ذلك في غيره لارتفاع العلّة، ومثل ذلك: منعهم تزويج الشّريفة ممَّن ليس كذلك، لما تجده في حياتها من العنتِ والعذاب النّفسي، ولأنَّها تعيش في الضّنك ومشقَّة الحياة، فمنعوا هذا الأمر رفعًا للضَّرر النّفسي الذي يقع عليها، وقد اعتبر جمع من النَّاس أنَّ هذا من باب العنصريّة، ومن باب التّفريق بين النَّاس باعتبار مراتبهم في الدّنيا، والأمر على خلاف ذلك، فإنَّ من عُلم أنّه لو طبّق عليه أمر أوقعه في المشقّة والضّرر وسوء حال؛ وجب أنْ يكون هذا الحكم مرفوعًا لما تقرَّر من أنَّ دفع الضَّررِ مقدَّمٌ على جلبِ المصلحة، ولمَّا كان هذه الجهات إنَّما يحسُّ بها أربابُ الفقه بنوْا عليها الأحكام ولم يعرِّجُوا على هذه الاحتمالات التي قد تساقُ من جانب بعض النَّاس من أنَّ هذا الأمر فيه اعتبار للقبلية، أو المناصب، أو المكاسب، أو ما شابه ذلك ممَّا يَسْخَرُ منه الفقيه.
ثم إنَّ الفقيه يحسُّ بأنَّ مبتنى الفقه في هذا الباب هو على الأهليَّة، ومن ثمَّ فإنَّه يلغي الذكورة والأنوثة والطول والقصر؛ إلَّا من باب الأهلية، وهذا أصلٌ شرعيٌّ، والذين يقولون بأن الفقه قد نسي النّساء، أو حابى الرّجال، أو ما شابه ذلك؛ إنَّما يقولونه عن جهل بمآخذ الأحكام، فلو تبصّر النّاس في قواعد الدّين لعلموا أنَّ مآخذ الأحكام تُعتبرُ فيها هذه الصفات من الصّفات الطردية التي تلغى، ومن بنى عليها حكمًا فإنَّه قد انحرف عن الجادَّة.
هذه بعض الخصوصيات، التي تعتبر بأنها خصوصيات الفقيه: خصوصية الاستحضار، وخصوصية الاعتبار، وخصوصية الإحساس.
Aucun commentaire