اخر الأخبار

عاشوراء بالمغرب طقوس متجدرة في تاريخه العريق بالجنوب المغربي


عاشوراء بالمغرب طقوس متجدرة في تاريخه العريق بالجنوب المغربي
من إعداد : الأستاذ الحسين البقالي
و حسب مختصين في علم الاجتماع فعاشوراء بالمغرب تتميز بتداخل ممارسات وطقوس بعضها مستوحى من الثقافة الدينية وبعضها من الذاكرة الشعبية الموروثة عن الأسلاف.حيث إن إدخال السرور على الأطفال وتبادل الزيارات والصيام هي جزء من المعتقدات الإسلامية وعمل بوصية الرسول للابتهاج بنجاة موسى عليه السلام وانتصاره على فرعون.
أما جذور بعض الطقوس الأخرى مثل إشعال النار والرش بالماء وغيرها فتعود إلى تاريخ المغرب القديم، حيث خلفت الحضارات المتعاقبة عليه مظاهر وطقوسا احتفالية ظل الناس متأثرين بها وحافظوا عليها بعد اعتناقهم الإسلام. 
 ولهذه المناسبة عادات وتقاليد راسخة في سوس والجنوب المغربي مفرجة ايمعشار الخاصة بالرجال وفرجة تلغنجة الخاصة بالنساء وهي تبرز الاحتفال والتقرب بطقوس تنكيرية لطرد الارواح
من خلال شكل الملابس التنكرية و الأقنعة و الإنشاد و شكل الرقصات فإنها تحيلنا
 على الكم الهائل من الثرات الأمازيغي المتنوع الموغل في القدم و الدليل على ذالك هو شيوع هذه العادة داخل المجتمع الأمازغي على صعيد المغرب ولو أن هناك اختلافات في وقت ارتدائها بين عاشوراء و عيد الأضحى
وتسويد الوجه هو تقليد شيعي قديم يعبر عن الحزن العميق لذكرى مقتل الإمام الحسين
و هي ذكرى مقدسة عند المسلمين المغاربة لأن آل البيت جزء لا يتجزأ من الهوية المغربية
و تعود إلى عهد دخول المولى إدريس مؤسس المملكة المغربية.
  و عن شعائر النار هناك اختلاف في المرجعيات البعض يقول أنها طقس ديني قديم
يعود إلى العصر الأول البدائي أي حين كان الأمازيغ يعبدون النار و يمجدونها مستمدين أدلتهم من الأشعار و الشعارات التي يرددونها و الطقوس الخاصة بإشعالها و البعض الآخر يقول أنها عادة يهودية أدخلوها اليهود إلى المغرب خلال استقرارهم بالجنوب المغربي
 و عن قفز النار فالمشاع أن كل من تمكن من قفزها يترك فيها ذنوبه كما يعتقد أنها تخلصهم من تعاستهم و سوء الحظ كما أن هناك اعتقاد سائد أن كل من يحترق بنار عاشوراء لن يشفى من علته الا في نفس الفترة من العام القادم
إذا ما استثنينا تقاليد ايمعشار و رش المارة في الشوارع بالماء في يوم عاشوراء
ولجوء بعض النساء إلى ممارسة طقوس السحر والشعوذة
وميل بعض الفرق الصوفية القليلة إلى التماهي بطقوس عاشوراء المشرقية 
وخاصة لدى فرقتي حمادشة وعيساوة المشهورتين في منطقة مكناس خاصة 
فإن الاحتفال بيوم عاشوراء لدى معظم المغاربة يبقى حدثا دينيا عاديا في هذه الأيام. 
ولا يكاد يتميز إلا ببعض طقوس الأكل وطقوس لعب الأطفال.
فليوم عاشوراء لدى المغاربة كما كل مناسبة دينية طقوس أكل خاصة
وتتمثل بالكسكس العيشوري الذي يعد ببقايا لحم عيد الأضحى المقدد 
وتقديم أطباق الفواكه اليابسة المنوعة الممتزجة بحبات حلوى (القريشلات) مع الشاي المنسم بالنعناع وببعض الأعشاب البرية الطرية.
وأجمل ما في عاشوراء المغربية طقوس الأطفال في احتفالهم باللعب.
ويمثل تاريخ احتفال الأطفال بهذه باللعب العيشورية تاريخا لتطور هذه الألعاب في حد ذاتها 
حسب ما تتيحة الإمكانيات الذاتية في كل جهة مغربية وفي كل قرية أو مدينة.
فقد كانت أجيال الأطفال الماضية تصنع لعبها بيدها وكانت مواسم عاشوراء فرصة للتجريب والاختراع في فن صناعة اللعب 
فالفتيات يتبارين في صنع الدمى من القصب وبقايا الأقمشة والخيوط أما الفتيان فكانوا يتبارون في صنع العجلات والعربات من نفايات الأسلاك وخرذوات البلاستيك والقصدير.
ولعل ما يميز عاشوراء المغربية أنها تحولت إلى احتفال طفولي بامتياز بعيدا عن ا المذهبية والطائفية في كثير من جهات العالم الإسلامي 
في هذا اليوم ففي هذا اليوم تعبر الطفولة المغربية عن حسها الإبداعي في شكل أداء جماعي في الساحات الفسيحة وعند نواصي الشوارع. 
رغم ما يقد يشوب تلك الألعاب أحيانا من عنف وخاصة عند ليلة عاشوراء التي تسمى لدى الأطفال ب( الشعالة) التي توقد فيها النيران المتوهجة العظيمة.
أما اليوم فقد بدأ النمط العصري يلقي بثقله على تلك الطقوس العيشورية القديمة 
وبدأت يغيب ذلك الحس الإبداعي عند الأطفال الجدد في إعداد لعبهم 
 بعدما صارت تأتي إليهم جاهزة تبهر الأنظار بألوانها وأحجامها وتقنياتها العالية ولكن عليها علامة تجارية مسجلة صينية أو تايوانية…
شواهد
يعلق الأستاذ رضوان بن شقرون عضو رابطة علماء المغرب 
أستاذ بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء على الأصول الشرعية للاحتفال قائلاً: 
إن أول مظهر يتميز به الاحتفال بعاشوراء بالمغرب هو الفرحة والابتهاج بالمناسبة 
ومرد ذلك إلى السند الشرعي المستمد من رواية وصول الرسول -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة
وملاحظته أن اليهود يصومون يوم عاشوراء وتساؤله عن ذلك 
وقوله *صلى الله عليه وسلم بعد أن علم أن يهود يثرب إنما كانوا يصومون احتفاء بنجاة موسى عليه السلام من المطاردة الفرعونية*:
"نحن أحق بموسى ولئن حييت إلى قابل لأصومن عاشوراء وتاسوعاء". 
وحيث إن المغاربة عرفوا منذ مجيء الأدارسة إلى المغرب بالتشبُّث بالسُّنة وحبهم المفرط للرسول -صلى الله عليه وسلم- 
فقد ظلوا عبر تاريخهم يحتفلون بهذا اليوم لا سيما في بعض المدن العريقة كفاس ومكناس ومراكش
ويبدو احتفالهم هذا في نوع من البهجة والمرح حيث يوسع على أفراد الأسرة 
ويتخذونها مناسبة للضرب على الدفوف والإنشاد والتزين بأجمل الثياب. 
  يقول الدكتور عباس الجراري مستشار جلالة الملك
وهو من المفكرين المغاربة المتخصصين في الفكر الإسلامي وفي الثقافة المغربية 
عن أصول طقوس الاحتفال: 

"لقد شاعت في المغرب عادات ارتبطت بيوم عاشوراء
وهي عادات ترسخت في التقاليد الاجتماعية سواء على المستوى الرسمي أو الشعبي
منها ما ورد عن ابن عبد الله البكري وهو يصف مدينة أصيلة الواقعة في شمال المغرب في عصره -القرن الخامس هجري-
فقد قال عنها بأن الناس قد اتخذوا موضعها رباطا فانتابوه من جميع الأمصار
وكانت تقوم فيه سوق جامعة ثلاث مرات في السنة وهو وقت اجتماعهم
 وذلك في شهر رمضان وفي عشر ذي الحجة وفي عاشوراء".
وعند استقرائنا للعادات التي تم ذكرها أو سنأتي على ذكرها سنلاحظ 
أنها امتزجت بين ما هو إسلامي وغير إسلامي 
وعن أصل بعض المظاهر سنلاحظ 
في بعض المدن المغربية أشكالا ومظاهر غريبة من الاحتفال، وهي تعكس الحزن والحسرة الذي يحاول البعض أن يستشعره في المناسبة

ولعل مرد ذلك إلى أثر التشيع الذي ارتبط فيه يوم عاشوراء بذكرى مقتل الحسين بن علي في كربلاء
فصارت المناسبة عندهم ذكرى ألم وحزن وربما بكاء وتحسرا
 ومن الناس من يعرف أصلها ومنهم من يفعل ذلك تقليدا بلا وعي ولا إدراك
 ويؤكد العلامة عبد الله الجراري من العلماء المغاربة الأجلاء:
وكم من العوائد أُدخلت على المسلمين لا سيما في عاشر المحرم كلها حزن ونياحة
واتخاذ النيران وإشعالها كمعبود يُتقرب إليه 
هي في الأصل عادة مجوسية ارتكبوها تدينا ثم تسرب شيء منها إلى الأمة الفارسية 
ثم جاء الفاطميون زمن تضعضع الدولة العباسية واستعملوا هذه العادة 
-عادة إيقاد النيران على ضفة الدجلة-
وكانوا أثناء الاستعمال يلقون فيها الحيوانات 
غير أنهم فكروا فيما بعد فيما تقاسيه هذه الحيوانات من آلام الاحتراق
فعوضوا ما يلقون من الحيوانات بإلقاء صور صناعية
 وعادات النيران وإشعالها انحدرت من الطوائف الشيعية المنتشرة في أطراف المغرب وفيما جاورها من السكان...
من العادات التي تبعث على الدهشة والمقترنة بعاشوراء صب المياه 
على المارة في الشوارع فيما بين الأطفال والمراهقين 
ويسمونه (زمزم) أو ("تزمزيم)
فمرد ذلك إلى بعض الطقوس اليهودية التي تسربت إلى بعض عناصر المجتمع المغربي بحكم التساكن والتجاور الذي عرف بين اليهود المغاربة والمسلمين في المغرب عبر التاريخ. 

ولعل أبرز فترة وقع فيها التأثير المتبادَل بين اليهود والمسلمين بالمغرب هي الفترة المرينية 
التي نستطيع القول بأنها الفترة التي انطلقت منها أصول اليهود حتى اتخذوا لهم أحياء -عرفت بالملاح- خاصة بهم 
ملاصقة للقصور الملكية في عدد من المدن المغربية 
وهذا الطابع للفترة المرينية امتد إلى البدع والضلالات
 مما شجع كثيرا من الطرق والزوايا على مزيد من الانتشار
 عاشوراء.. النساء أكثر حرية
قيام النساء والفتيات قبل هذا اليوم بتخضيب شعر رأسهن بالحناء 
وكذا أيديهن وأرجلهن بها مع وضع شيء منها في أكف الأطفال وحتى بعض الرجال
ومن مُرددات النساء، وقد جمّلن شعرهن بالحناء وأطلقنه: 
 "عاشوري عاشوري.. عليك نطلق شعوري".
ويلاحظ في مناسبة عاشوراء بالمغرب أن النساء يتمتعن بحرية في هذه المناسبة
إذ لا يلبث الرجال أن يستعيدوا نفوذهم مع إطلالة عيد المولد النبوي الشريف على نحو 
 ما تعني هذه المقولة التي تتغنى بها النساء في عاشوراء:
 هذا عاشور ما علينا الحكام أللا
 عيد الميلود يتحكموا الرجال أللا
التوسل بأساليب كثيرة في هذا اليوم لفك السحر أو رد العين والأرواح الشريرة

Aucun commentaire

'; (function() { var dsq = document.createElement('script'); dsq.type = 'text/javascript'; dsq.async = true; dsq.src = '//' + disqus_shortname + '.disqus.com/embed.js'; (document.getElementsByTagName('head')[0] || document.getElementsByTagName('body')[0]).appendChild(dsq); })();