اخر الأخبار

 

 مهرجان بوجلود وكرنڤال امعشار يجسدان الإحتفال بعيد ين

الأضحى و عاشوراء  بمنطقة سوس ويجسدان الارتباط بالأرض

      الحسين البقالي : أستاذ باحث وفاعل جمعوي 




من عادات عدة مدن بمنطقة سوس تنظيم ما يطلق عليه مهرجان بوجلود أو ما يسمى بالأمازيغية «بيلماون» وهو عبارة عن طريقة خاصة للاحتفال بعيد الأضحى، بحيث يقوم عدة شبان بارتداء جلود الأضحية من الأغنام والماعز بغية إحداث جو تطبعه طقوس احتفالية يكون الهدف منها جمع النقود لتمويل الموسم الذي يقام بهذه المناسبة وذلك حسب خصائص كل منطقة من المناطق بهذه الجهة.


وأكدت أن هذه الظاهرة عرفت تراجعا ملفتا خاصة بعد أن تم منعها في بعض المناطق العامة والطرق الرئيسية، مما أدى ببعض الشباب المتشبثين بها والذين يعتبرونها ضمن الإرث الثقافي إلى التواري داخل الأحياء الشعبية والهامشية، فا قتصرت هذه التظاهرة على أبناء بعض الأحياء بالمدن القديمة والعارفين بمناطق انتشارها رغم أن جمعيات دأبت على إقامة موسم بساحة المشور بمدينة تيزنيت وهو موسم «امعشار» الذي أصبح له صيت وطني، حيث يتم تقديم لوحات فنية هامة تمزج بين الثقافة الأمازيغية والأهازيج الإفريقية.


وكذلك بمدينة تارودانت باعتبارها ذات زخم تاريخي وثقافي ومحطة هامة من تاريخ الدولتين الموحدية والعلوية.
وهناك من يشبه سكان هذه المدينة بالفسيفساء، باعتبارهم خليطا من سكان أصليين وزنوج من أصول القوافل التجارية لإفريقيا وعبيد البوخاري في عهد مولاي إسماعيل حسب ما ذهب إليه بعض المؤرخين، مما أعطى بعدا آخر لعادات «بيلماون»وإن بقيت غير منظمة ويطغى عليها الطابع الحماسي والتلقائي، حيث تلتئم في أوقات معينة داخل الساحة المعروفة باسراك، كما يطغى على الطابع الاحتفالي ما يطلق عليهم ايسمكان أو كناوة بحيث أصبح الكثير يتفنن في رقصاتهم بحيث تعتبر الموسيقى الكناوية وموسيقى الجاز ثقافة زنجية محضة فرضتها ظروف عاشها الزنوج في العديد من بقاع العالم.




إن المتتبعين والباحثين عن تاريخ ومميزات هذه الظاهرة تواجههم مسألة تعدد الأسماء رغم كون المسمى واحد ، فهناك )إمعشارن ، وإمهضارن ، وإصوابن ، وإمغارن ءيض( كلها أسماء تنتمي إلى اللغة الأمازيغية والملاحظ أنها وردت بصيغة الجمع وهي ميزة الظاهرة المؤذية جماعة .
إن إمعشارن كإ سم لهذه الظاهرة هو الأكثر تداولا في مدينة تيزنيت بينما تعرف بإصوابن في النواحي القريبة على سبيل المثال قبيلة أولاد جرار جماعة حد الركادة ، وذلك منظور ورؤية كل ناحية من نواحي مدينة تيزنيت إلى الظاهرة .


"معاني كل الاسماء التي تسمى بها الظاهرة"


1) إمعشارن : جمع )أمعشور( وهو المشارك في ممارسة الظاهرة والكلمة مشتقة من الأصل العربي عاشوراء ,
2) إصوابن : جمع لكلمة )أصواب( وهي تعني الفنان الشعبي المبدع وتلتقي مع )إمعشارن( في إبداع الكلمة والحركة والإيقاع وإن كان ذلك بأساليب مختلفة .
3) إمهضارن : جمع لكلمة )أمهضر( وقد إشتقت الكلمة من )لهضرت( وتعني كل ما يصدر عن الإنسان بفعل الرغبة في المرح والترويج عن النفس لأجل الفرجة .
4) إمغارن ءيض : إسم مركب من )إمغارن( إي شيوخ أو سادة القوم والجزء الثاني )ءيض( ويعني بالأمازيغية
يغية الليل وبالتالي فالإسم المركب يعني أسياد الليل ، وهذا ربط للإسم بزمن ممارسة الظاهرة وهو الليل .


"لمحة تــــــــاريخية"


منذ القدم عرفت مدينة تيزنيت بتشكيل فريقين إثنين أحدهما في الجهة الشرقية والآخر في الجهة الغربية وكل من الفريقين يسعى لأن يكون الأفضل في منطقة حدوده حيث أن لكل فريق حدوده ومناطقه يزورها محددة سلفا لتفادي أي صدام بين الفريق الآخر ، وأمام عدم معرفة التاريخ الحقيقي لنشأة الفريقين فإنهما عرفا ثلاث مراحل زمنية هي كالتالي :
1) مرحلة ما قبل الأربعينيات: وهذه المرحلة كل ما يمكن القول عنها أنها البداية المجهولة للفريقين .
2) مرحلة ما بعد الاربعينيات حتى أوائل الستينات : وهذه الفترة عرفت مجموعة من الأسماء التي طبعت الاحتفالات ببراعتها واستطاعتها إضحاك الناس وكسب إعجابهم
3) مرحلة السبعينيات والثمانينيات : عرفت ممارسة (امعشاران) في هذه المرحلة تغيرات جذرية على مستوى مكونات الاحتفال بفعل تخلي الجيل القديم عن الممارسة وتولي عناصر شابة هذه المهمة لمواصلة مابدأه الأسلاف ، وإحياء الظاهرة بعد توقفها .
"طور جمع لوازم الاحتفال والإعداد له"


بعد عيد الأضحى يكتري أفراد (إمعشارن) منزلا خارج المدينة يسمى (تكمي إمعشارن) يجتمعون فيه ، ويساهم كل مشترك منهم بقدر من المال لصنع الأقنعة وشراء الأثواب ، والخيوط ، والجلود ، ولوازم أخرى ويبقى باب المساعدات مفتوحا لمن يشاء أن يقدم مساعدات مادية غالبا ما تكون مواد غذائية يقتات بها المشاركين في الظاهرة طيلة مدة الإعداد ، حيث ينسق الجميع جهودهم في صنع الأقنعة ، و القبعات ، وأجساد الحيوانات ، وإيجاد اللباس الملائم لكل دور يقومون به .


"عناصر الإحتفال"في ايمعشار في عاشوراء


* يتميز الإحتفال بمشاركة شخصيات بشرية وهي :
- الحزان : وهو إمام اليهود أثناء الصلاة والعارف بأمور الذين .
- تويا : الآمة السوداء .
- الكراب : بائع الماء .
- العطار : بائع الأعشاب والبخور المتجول .
- الطبيب والممرض .
- الحرس : المسؤولين عن تنظيم الناس والأمن بصفة عامة أثناء الإحتفال .
/script>
- أحمد أكتوبر : دمية من الثوب وهو طفل تويا وأسمك وهي الشخصية الوحيدة المسماة بإسم عــلم .
وفي بعض نواحي مدينة تيزنيت نجد أسماء أخرى مثل إسم موشي وإسم امرأة تدعى سميحة .
* الشخصيات الحيوانية وهي:
- أرعم : أي الجمل .
- تاسردونت : أي البغلة .
- أفلوس: أي الديك.
- الهيشت : أي الحيوان الخرافي .
والملاحظ أن هذا الإحتفال كان يضم كافة الشرائح الإجتماعية في حقبة ما ، اليهود ، والمسلمين ، حتى العبيد مما يدل على روح التسامح والتعايش السائد في المجتمع ، وكذلك مختلف المهن من كراب وعطار وطبيب وحرس . . .
وعلى مستوى الشخصيات الحيوانية فالملاحظ وجود حيوان خرافي الهيشت ، بالإضافة للحيوانات الأخرى العادية .


"الأدوات الموسيقية"


تتكون في غالب الأحيان من أدوات نقر جلدية ، و حديدية ، و خشبية ، وأداة نفخ واحدة ويغيب عنها الآلات الوترية مما يوضح أن البعد الموسيقي الذي يقوم عليه الإحتفال مرتكزا على الإيقاع أكثر من اللحن ، والآلات المستعملة هي : الطبل ، والبنادر ، والناي ، والناقوس ، والأعمدة التي يضرب بها الأرض في إيقاع مهيب يضفي على الإحتفال روعة لا متناهية ، وبعد إنتهاء إحتفالات وإستعراضات الظاهرة أو بطريقة جديدة كرنفال إمعشارن ، يجتمع الفريق الأول لأيت أمحمد بضريح المكرونات ، والفريق الثاني لحي إدوكفى بضريح للا حكا أحمد حيث يشترى بالمال الذي تم جمعه ثورين يذبحان وتقام احتفالات كبيرة وتوزع فيها اللحوم على الفقراء .
كل ما يمكن أن نختم به في تعريفنا المتواضع لهذا الكرنفال الذي يستحق دراسة أكاديمية والتنقيب عن أصله وجذوره ، فإنه يمكن القول بأن إمعشارن ظاهرة أو كرنفال يستحق أن يكون له إشعاع وطني وحتى دولي . .

      الحسين البقالي : استاذباحث وفاعل جمعوي  

Aucun commentaire

'; (function() { var dsq = document.createElement('script'); dsq.type = 'text/javascript'; dsq.async = true; dsq.src = '//' + disqus_shortname + '.disqus.com/embed.js'; (document.getElementsByTagName('head')[0] || document.getElementsByTagName('body')[0]).appendChild(dsq); })();