اخر الأخبار

كل ماتريد معرفته دينيا وفقهيا عن شهر الصيام


الصوم عبادة والعبادة لا تصح إلا بنية ، فالصوم لايصح إلا بنية وينقسم الصوم إلى قسمين :
القسم الأول : صوم فريضة .
والقسم الثاني : صوم نافلة .
فكل القسمين لا يصح إلا بنية ، فلو أن إنساناً أضرب عن الطعام واستمر إضرابه يوماً كاملاً فإننا لا نقول : إنه صائم ولا يحكم بصومه لا نافلة ولا فريضة ؛ لأنه لم يقصد التقرب إلى الله-I- بهذا الامتناع وهكذا لو امتنع عن الطعام والشراب ليخفف وزنه أو خوفاً من الطعام والشراب أن يضره في جسده ، فمثل هذا لو استمر يوماً كاملاً لا نحكم بكونه عبادة لأنه لم ينو التقرب لله-I- .
أما بالنسبة للصوم الذي فرضه الله على المكلف فإنه لا يُجزئه ولا يصح منه إلا إذا بيت النية بالليل بالصوم .
والدليل على ذلك : قوله-I- : { وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ } وقوله-I- : { فَاعْبُدْ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ } ، ووجه الدلالة من  هذه الآية الكريمة : أن الله أمر بإخلاص العبادة لوجهه ، والإخلاص يتوقف على النية فلا عبادة إلا بنية والصوم عبادة إذاً لا يصح إلا بنية .
وأما دليل السُّنة : فحديث أم المؤمنين حفصة-رضي الله عنها وأرضاها- أن النبي-r- قال ((من لم يُبَيِّتِ النية بالليل فلا صوم له ))وفي رواية (( من لم يجمع النية بالليل فلا صوم له ))وجه الدلالة من هذا الحديث : أن النبي -r- حكم بعدم صحة الصوم إذا لم يبيت صاحبه النية بالليل ، وثبت في الصحيح من حديث عمر بن الخطاب-t- أن النبي-r- قال : (( إنما الأعمال بالنيات )) والصوم عمل .
ومن أدلة السُّنة - أيضاً - : ما ثبت في الصحيح من الحديث القدسي أن الله-تعالى- يقول : (( كل عمل ابن آدم له إلا الصيام ، فإنه لي وأنا أجزي به ، يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي))فقال : (( يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي ))أي قاصداً التقرب لي فدل أنه لا صوم شرعاً إلا إذا قصد أن يترك الطعام والشراب لوجه الله-U- ، ولذلك فضل العلماء الصوم حتى قال بعض فقهاء الشافعية وهو أحد الأوجه في مذهب الإمام الشافعي : أن الصوم أفضل من الصلاة ؛ والسبب في ذلك هذا الحديث قالوا : لأن الله-تعالى- يقول : (( إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به )) قالوا : وأفضل الأعمال وأحبها إلى  الله الإخلاص الذي هو التوحيد ، فلما كان الصوم قائماً على الإخلاص وروحه ولبه للإخلاص قالوا : شرف وفضل على الصلاة من هذا الوجه ،والصحيح أن الصلاة أفضل من الصيام لأن النبي-r- قال :(( استقيموا ولن تحصوا ، واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة ))ولما ثبت في الصحيحين من قوله : " سألت النبي-r- أي العمل أحب إلى الله ؟ " قال :(( الصلاة على وقتها ))فالمقصود أن الصوم لا يصح إلا بنية .
والصوم ينقسم إلى قسمين :
القسم الأول : الفريضة .
القسم الثاني : والنافلة .
أما الفريضة فلا تصح إلا بنية وجهاً واحداً ، وأما النافلة ففيها قولان للعلماء-رحمة الله عليهم- :
القول الأول : منهم من يقول : لابد من تبييت النية في النافلة فلو أردت أن تصوم الاثنين أو الخميس تقرباً إلى الله-U- فلا بد وأن تنوي بليلة الاثنين وليلة الخميس أن تنوي أن تصوم من الغد .
القول الثاني : وقال به جمع من العلماء : يصح أن يصوم النافلة وينشئ نيتها وهو لم يجمع النية بالليل - وسيأتي إن شاء الله بيان هذه المسألة في صيام النافلة - وهو الصحيح لما ثبت عن النبي-r- من حديث أم المؤمنين عائشة-رضي الله عنها- أنه قال : (( هل عندكم شيء ))قالت : لا ، قال : (( إني إذاً صائم )) وقال هذا  في النهار فدل على أن صوم النافلة يجوز أن ينشئ الإنسان صومه ، وأنه لا يجب عليه أن يبيت النية بالليل فلو أصبحت يوم الاثنين وأنت لا تدري أنه الاثنين ، ثم قيل لك بعد صلاة الفجر وأنت لم تطعم شيئاً قيل لك : هذا يوم الاثنين ، فقلت : إني إذاً صائم أو أستمر بقية يومي صائماً صح صومك ، وهكذا لو أصبحت ولم تجد فطوراً ، وكنت قد أصبحت من بعد طلوع الفجر لم تأكل شيئاً ، فلما لم تجد طعاماً أو شيئاً تفطر به قلت إني إذاً صائم أو أستمر بقية يومي صائماً صح ذلك وأجزأك ؛ لأنه فعل النبي-r- ، ويعتبر حديث أم المؤمنين عائشة مخصصاً لحديث أم المؤمنين حفصة ، فنقول : الأصل تبييت النية بالليل لقوله-عليه الصلاة والسلام- : (( من لم يبيت النية بالليل فلا صوم له )) لكن يستثنى صيام  النافلة لحديث أم المؤمنين عائشة الصحيح فصيام النافلة يجوز لك أن تنشئه بعد طلوع الفجر ، ولا حرج عليك في ذلك .
 ويجب تعيين النية من الليل لصوم كل يوم واجب في نية الصوم مسائل :
المسألة الأولى : عرفنا أنها واجبة ، ودليل وجوبها ما تقدم من دليل الكتاب والسُّنة .
المسألة الثانية : إن هناك فرقاً بين صوم الفريضة والنافلة ، فصوم الفريضة لابد فيه من تبييت هذه النية بالليل ، وصوم النافلة يجوز أن تنشئه ولو لم تبيت النية بالليل .
المسألة الثالثة : إذا قلنا : لابد وأن تبيت النية  بالليل فمن المعلوم أن ليلة الصيام تبتدئ من مغيب الشمس ، والسؤال هل تبيت النية بمجرد مغيب الشمس أم العبرة بما بعد منتصف الليل ؟ 
بعض العلماء يقول : تبييت النية يكون من بعد منتصف الليل ؛ لأنك لا تدخل في الليلة القابلة إلا  من بعد منتصف الليل ، ولذلك قالوا : صـح طواف الإفاضة بعد منتصف الليل في ليلة النحر ، ولا يصح قبل منتصف الليل ؛ لأن النبي-r- إنما أذن للظعن بعد منتصف الليل ، وكذلك بالنسبة للمبيت قالوا : لابد وأن يكون قد بَيَّتَ النية من بعد منتصف الليل ، والعبرة بمنتصف الليل الثاني لا بمنتصفه الأول .
وقال جمعٌ من العلماء - وهو الوجه الثاني - : إنه يجوز أن تبيت النية بمجرد مغيب الشمس لليوم السابق وذلك على ظاهر قوله-عليه الصلاة والسلام- في حديث أم المؤمنين حفصة : (( من لم يبيت النية بالليل )) والشخص يوصف بكونه  بات وبيّت من بعد مغيب الشمس ، ولذلك قالوا : لو نوى بعد مغيب الشمس أجزأته النية وهذا هو الصحيح أن العبرة بمغيب الشمس فمن نوى قبل  منتصف الليل الثاني ، فإن نيته صحيحة معتبرة .
وفائدة هذا الخلاف : أنه لو نوى في النصف  الأول ثم نام قبل النصف الثاني واستيقظ بعد أذان الفجر ، فعلى القول الأول الذي يشترط النصف الثاني : لا يصح وعلى القول الثاني يصح ، وعلى هذا فلا بد من تبييت النية سواءً وقعت في النصف الأول أو النصف الثاني .
إذا عرفنا أن النية لازمة فأنت تقصد في قرارة قلبك أن تصوم هذا اليوم قربة لله-I- ، هذه نية  ثم بعد النية شيء يسمى ( التعيين ) والتعيين : أن تحدد صومك فريضة أم نافلة فإن كان فريضة هل هو عن رمضان أو هو عن كفارة أو هو عن نذر ، فيكون تحديدك وتعيينك للنية ببيان نوعية هذا الفرض الذي تريد صيامه ، فإن كنت في رمضان نويت أن تصوم الغد من رمضان ،  وإن كنت في كفارة نويته صياماً عن كفارة جماعٍ أو كفارة قتل أو كفارة ظهار أو غير ذلك ، فالمقصود أن المراد أن تعين هل نيتك لفريضة أو نافلة ، ثم إذا عينتها فريضة هل هذه الفريضة لرمضان أو لنذر أو لكفارة أو نحو ذلك من الصيام الواجب ، هذا معنى تعيين النية أي أنه يُعين ما هو المراد من هذا الصوم الواجب إن كان واجباً ، وإن كان نافلة هل هي نافلة معينة مقصودة كصوم الاثنين والخميس والأيام البيض من كل شهر وعاشوراء وعرفة أم أنه يريد نافلة مطلقة كأن يصوم تقرباً إلى الله-U- بغض النظر عن قصد ذلك اليوم المتنفل به وهذا هو الذي يقصده المصنف بمسألة التعيين كما أنك إذا صليت أربع ركعات عن فريضة فلا بد وأن تحدد هل هي ظهرٌ أو عصرٌ أو عشاءٌ فقالوا : يجب عليه تعيين الصوم كما يجب عليه تعيين فريضة الصلاة .
لصوم كل يوم واجب هـذا في رمضان ، وقال بعض العلماء : إذا دخل رمضان تنوي من أول رمضان صيام الثلاثين يوماً ويجزئك وهذا هو مذهب الحنفية-رحمة الله عليهم- وقالوا : إن الشهر كأن المحل لايسع لغير رمضان ، فعندهم أن صيام رمضان يجزيك أن تنوي من أول الشهر وتكون نية لجميع الشهر ؛ لأن رمضان لا يسع لصيام غيره فالنية لا تنصرف إلا إلى رمضان قالوا : فلا يحتاج أن يجدد النية كل ليلة وهذا هو مذهب الحنفية-رحمة الله عليهم- ،والصحيح مذهب الجمهور لعموم قوله-عليه الصلاة والسلام- : (( من لم يبيت النية بالليل فلا صوم له )) فبين أنه لابد من تبييت النية في الصوم  وهذا شامل للفريضة كما ذكرنا ، ولم يفصل النبي-r- بين صيام رمضان ولا غيره .

Aucun commentaire

'; (function() { var dsq = document.createElement('script'); dsq.type = 'text/javascript'; dsq.async = true; dsq.src = '//' + disqus_shortname + '.disqus.com/embed.js'; (document.getElementsByTagName('head')[0] || document.getElementsByTagName('body')[0]).appendChild(dsq); })();