تاريخ الاماكن بالجنوب المغربي الجزء الثالث : قبائل اولاد جرار

 

في مطلع الثالثة، اختل الميزان الديموغرافي وعجزت تجزئة "النهضة" عن احتضان كل سكانها بعد ارتفاع تعداد الوافدين من القبائل المجاورة، وتحولت القرية النموذجية الى قرية خطية يقيم معظم سكانها على شكل خط طولي تمتد فيه المساكن نحو اتجاه واحد: شمال الطريق الوطنية رقم واحد، وهو ما يُسمّى جغرافيا بالسكن الخطي الممتد عدة كيلومترات، ويجمع ما بين السمات الحضرية والريفية حيث تمتد الحقول والبساتين خلف البنايات شمال ويمين الطريق الرئيسية.. وهكذا تركت الودادية الجرارية لوحدها، تنمو وتتمدد بشكل خطي على طول الطريق الوطنية، ليس لأن الأراضي الخلفية استغلت للزراعة والفلاحة بل لأنها غير مجهزة للبناء وصار الكل يريد أن يبني بيتا يطل على الطريق الرئيسية، ناهيك عن محو المناطق الخضراء وتحويلها الى مستوقفات، ينعقد فيها سوق أسبوعي بعد زوال يوم الجمعة..

 في غياب أي تدخل رسمي من السلطات لتنظيم حركة البناء والتعمير، حيث لم يتم إقرار أي تصميم للتهيئة أو للهيكلة يسمح بتوسع عمراني طبيعي ومنظم وفق ضوابط محددة، ما ساهم في ظهور أحياء سكنية عشوائية غرب الطريق الرئيسية وجنوب طريق تالعينت، بأزقة ضيقة وبدون مستوقفات ولا مساحات خضراء مثل: وراء الجامع، دوار الطلبة.. كما شملت العشوائية عدد الطوابق المبنية، بعدما ظهرت بنايات مبنية وفق الطابق الثاني ( R+2) في مناطق لا يسمح فيها إلا ببناء طابق وحيد. وهو خرق سافر لتصاميم البناء وتحديا لكل الضوابط المنظمة للتعمير، وتكريسا لمظاهر التفاوتات الطبقية المنبوذة.. بعد سنة 2011 تنامت ظاهرة البناء العشوائي بشكل استثنائي وغير مسبوق، واتخذت الظاهرة أبعادا شتى ومن تمظهراتها المتعددة استمرار التقسيمات غير القانونية والبناء في الأماكن غير المفتوحة للتعمير واكتساح البناء الغير المنظم للأراضي غير المجهزة حتى صارت البنايات الجديدة على مرمى حجر من المطرح العشوائي للنفايات.. كما أن تزايد الساكنة فرض ضغطا كبيرا على الخدمات العمومية من تمدرس وتطبيب.. ولم تسلم الخدمات الجماعية بدورها من التردي حيث تقلصت خدمة جمع النفايات الصلبة الى أدنى المستويات وتعثر مشروع التطهير السائل لأسباب بيروقراطية وصارت المطمورات تشكل خطرا على البنايات القائمة وعلى الفرشة المائية الباطنية كـﺫلك.. 

< p>