تاريخ الجنوب المغربي حملة حيدة بن مايس الثانية نحو تيزنيت 1917 :
حملة حيدة بن مايس الثانية نحو تيزنيت 1917 :
بعد التحركات الالمانية بالجنوب المغربي ورهان معاكسة فرنسا في احتلال المنطقة، بادرت القيادة الفرنسية من جديد الى ارسال حملة عسكرية كبرى بقيادة حيدة بن مايس نحو تيزنيت. وهيأت كامل الامكانيات اللوجستيكية لانجاح مهمته، كما توصل بدعم من الكنتافي والكلاوي. وبعد وصوله الى تيزنيت في يناير من سنة 1917 ولى وجهته نحو قبيلة السايحل حيث عسكر بمنطقة تيغانيمين، على أساس أن يقتحم تراب قبيلتي أيت براييم وايت بعمران ، الدي يشكل مجالا مزعجا ومناوئا للفرنسيين ، لقربه من مركز تيزنيت، ولتردد اسبانيا في احتلاله وفق معاهدة 27 دجنبر 1912.
وكان حيدة امام خيارين اما أن يسلك الطريق الساحلي او المسلك الداخلي الذي يمر بالمسيدرة بقبيلة ايت النص. وفي هدا الصدد تمكن الفقير حماد بن بيهي، بحنكته ودهائه من مغالطة حيدة، بأن أوعز اليه بضرورة سلك واد ايكالفن لمباغتة قبائل ايت باعمران وايت براييم ، واقنعه بأن مناسبة العيد كافية لدخول البلاد، وذلك لأشغال الناس بالأفراح والأعراس، وتفرقهم كعادتهم في مثل هذه المناسبات. فتوجه حيدة الى ذلك المكان المنيع والخطير، كان ضروريا وملحا، لأنه في حالة سلوك الحملة للطريق المحدد لها مسبقا (اي الساحل) من شأنه ان يخلق مضاعفات سلبية على قبائل المنطقة. والحاصل أن هذه الخطة قد أعطت في نهاية المطاف أكلها، وسمحت للقبائل المجاهدة بتأطير واستنفار قواتها، وتوجيهها الى المكان المعلوم. فمباشرة بعد مغالطة حيدة ، توجه حماد الى إيسك، وخطب في الباعمرانيين والبراييمين قائلا : " طرقت اسماعي إشاعات تروج بأن حماد ندهبي قد قبض الرشوة من الباشا حيدا، وها أنذا أعلن براءتي من ذلك، ولكي تعرفوا صدق مودتي لبلادي، ها أنذا قد اتيت بحملة حيدا كاملة في أفرد (الهون) اي سلكت به وادي ايكالفن، اياكم أن يفلت منكم ".
وخوفا من فشلها، أحاط المقاومون خطة ايكالفن بسرية تامة، حيث إن القلة القليلة هي التي كانت على علم بها. وهكذا، وفي يوم 7 يناير تم توزيع الرماة على قمم وسفوح الجبال المطلة على المنطقة: وريغ، تامكرط نتلو.. كما سدوا باب فج ايكالفن. واقتضت الخطة ترك الحملة تتوغل داخل الوادي، بعدها يتم الاجهاز عليها بوابل من الرصاص من جميع الجهات. وخلال العمليات سقط حيدة بن مايس صريعا، وفر باقي القادة، وحمل رأسه الى كردوس حيث معقل الشيخ احمد الهيبة.
اجمالا، فقد كانت المعركة نكسة وضربة لفرنسا، وكادت ان تعصف بالوجود العسكري الفرنسي، لولا تدارك القبطان justinard الأمر، بأن جمع شتات القوات الموالية لفرنسا، وأبلغ على وجه السرعة الكمندان Mas-latrie قائد منطقة اكادير بالوضع الصعب الذي توجد عليه القوى المتحصنة بتزنيت، لهذا بادر هذا الأخير الى الانتقال شخصيا على متن باخرة حربية الى أكلو، لتنسيق جهود تموين القوات المرابطة بتزنيت. وعلاقة بالحادث أوقفت فرنسا في قبضتها رقاصا كان يحمل رسالة سرية من سفيري ألمانيا وتركيا بمدريد الى احمد الهيبة، تهنئة بالانتصار على الجيش الفرنسي بقيادة حيدة بن مايس.
ومما لا شك فيه أن هذا الامر قد فرض على فرنسا اعادة النظر في استراتيجيتها العسكرية بسوس، وحاولت من خلال صحافتها التقليل من تبعات الواقعة.
وقد تمنكنوا من دحض
محاولات الفرنسيين ومساعديهم الخونة لاحتلال الأطلس الصغير والقضاء على جيوب
المقاومة، حيث قتلوا القائد حيدا بن مايس المنبهي في معركة تيزي وهزمت جيوشه شر هزيمة سنة 1916 م.
ويقول في ذلك الامانوزي: "لما بلغت جيوش حيدا الاودية المطلة على ايت باعمران
طوقتها جيوش المسلمين (المقاومين) خصوصا الخصاص ومجاط وناوشتها بالحرب واستطاع
القائد مبارك البنيراني أن يسد الطريق من خلفها لتبقى محصورة في تلك الأودية
الخانقة فدب الرعب في جيش حيدا ثم نهبتها جيوش المسلمين وقاتلتها... فقتل حيدا برصاصة
طائشة وقطع رأسه وطاف به في القبائل ليعلق نهائيا في كردوس فحصل تركيز للمقاتلين
المسلمين" (عن المختار السوسي، المعسول ج 3 ص382). وقالت شاعرة أمازيغية في
ذلك:
Iouis n haida rar ljam man awa tiwit
Ghayllin yiwi babak karan awa tawit
Agayouns idda ad ibrrm ammas iyfran
Ayan ihdrn itawdiwin ns houzilal
Awr iàawwl an ig izikr ayarou aàyyal
وهذا ما أثار حفيظة الفرنسيين وجهزوا حملة عسكرية
كثيرة العدد
والعدة يقودها الجنرال دولاموط سنة 1917 م. لكن بسالة المقاومين وعلى رأسهم القائد
المدني دفعت بهذا الجنرال إلى التراجع إلى تزنيت، واعتبر هذا الانسحاب في حد ذاته
نصرا ثانيا بالنسبة للمقاومين الذين لاحقوا الجيوش الفرنسية المنسحبة وعملائها
واستطاعوا الوصول إلى تزنيت حيث تمت محاصرتها وانتهى الحصار بعقد صلح بين الطرفين.
وعبر الضابط جيستينار في كتابه عن القائد الكندافي عن ذلك بقوله: "إن
المعارضة لم تلبث أن تعمقت ضد نائب المخزن... فتحرك المنشقون (المقاومون) تحت
تأثير الدعاية الأجنبية وقاموا بعملية سطو على تزنيت
بانطلاق ” تيماتارين ” وهما طلقتان منفصلتان من بندقيتي مختلفتين يكون الجانب الباعمراني قد اعلن بداية الحرب على حيدة يحكي الاستاذ المختار السوسي في مؤلفه “ايليغ قديما وحديثا ” ” تقهقرت قوات حيدة بعد ان أحكم عليها النطاق وانهمر عليها الرصاص من كل جهة فاخترقت أول
رصاصة ذراع حيدة ،أما الثانية فاخترقت لسانه وفكيه ، وقتل حيد وتراجعت قواته ،وغنم المجاهدون الكثير من العتاد والدخيرة والمدافع والمآت من الدواب وكان مجموع القتلى اكثر من 200فرد من
بينهم 30 قائد وعلى راسهم حيدة بن مايس ” ويضيف الشيخ المختار السوسي أن قد حكى له من حضر هذه المعركة ” أن أحد جنود حيدة مر بكاتبه ” الطيب بن صالح الروداني” فسلبه كل
ماعليه وكان الطيب هذا بدينا جبانا فجعل يأمر من يمرون به هاربين ، أن يضرموا النار في
وجه حيدة خشية ان يعرف ويقطع راسه ” ” كان مصرع حيدة بن ميس يوم الأحد 13 ربيع الأول 1335 موافق 7 يناير 1917 ، وفصل راسه عن جسده ليطاف به في الأسواق، وأخيرا أوتي به الى معسكر الهيبة، وعلق هناك على ما جرى به عرف الانتقام بعد الانهزام في الحروب الشرسة، الى أن سرق إحدى الليالي وأوتي به الى تزنيت حيث سلم لابنه أحمد/حماد، الأخير دفنه جوار الجثة بتزنيت،” *حيدة بن مويس : هو الحيدب وبه عرف ذو اصول صحراوية استقرت اسرته شمال تارودانت وسمي مويس تصغيرا
نظرا لصغرقامته ويرجع النسب مويس الى جده موسى شيخ اولاد برحيل كان قائدا على تارودانتن قبل مقتله في ايت باعمران
* أحمد بن بيهي أحد أشهر “نفاليس ” ايت النص من قرية ” المسيديرة ”
المراجع :كتاب “ايليغ قديما وحديثا” للمختار السوسي الجهاد والمقاومة على عهد مولاي يوسف ذ محمد بومزكو معركة اكالفن : ذ اكيكر وثائق شخصية
Aucun commentaire