قصة حقيقية : قرات لكم
نقد أبوي وقصة حقيقية:
اسمع يا بني . الوحيد الذي يريد أن يراك سعيدا هو أنا . تقبل مني هذه الكلمات فلن تسمعها من أحد سوى ممن أنجبك وكبرك وعلمك وأفنى عمره في سبيلك . أنا اليوم في ختام مسيرتي في الحياة الدنيا و لقد انشغلت بمستقبلك طوال الوقت وأنت اليوم قريب من ان تنهي عقدك الثالث . الحقيقة أنك لست على ما يرام ، أنت اليوم بلا عمل و بلا أسرة وبلا دور في الحياة وبلا مستقبل أيضا ، لا تملك أية فكرة سديدة ولا أفكار خلاقة ؟ أي شيء نجحت فيه أو فشلت ؟ السهر بالليالي والاستيقاظ في العاشرة صباحا و التبرج والتبخثر وملازمة المقاهى طوال اليوم وتبادل القهقهات الصفراء ؟ تنتظر أباك كي يجود عليك كل يوم بعشرين درهما لتصدع رؤوس رواد المقاهي بالتحليلات الرياضية والنقاشات المتشنجة عن البارصا والريال . كل أقرانك الذين كنت تجري وراءهم شمروا عن سواعدهم وتركوك . أي برنامج هذا وأية حياة . وبما أنك نهم وشره ، هلا سألت عن تكاليف معيشتك كم تبلغ ، بل وجبة واحدة ، ومن يصرف ؟ يبدو أنك لاتملك ضميرا ولا عزة نفس ؟. لو سخرت ركابك المنتفخة وعضلاتك المفتولة وأكتافك العريضة وتوقفت عن رسم قصات الشعر الصبيانية لعشت عزيزا مرفوع الرأس . يا لسخافة الدور والموقف . أنت عالة علي وعلى الدولة وعلى المجتمع . افعل شيئا ، خذ الفأس واقلب التراب وانثر الأسمدة الحيوانية مثلا ، أطلب العمل في مقلع حجارة ، اعمل سيرفور مقهى ، أطلب العمل في المنجم ، اعمل عطارا أو بائعا متجولا ، سافر واطلب وساطات عمل ، غامر واقطع الحدود واغترب كما يفعل الرجال . لو كانت الرجولة تشترى لاقتنيت لك منها ما تيسر . أنت لست قاصرا كي تعيش طوال الوقت في كنف أمك التي ، ويا للضياع ، تدللك وتدافع عنك باستمرار . تنتظر أن تجود عليك السماء بعمل مريح في المكاتب المكيفة ؟ هل ستنتظر طوال حياتك هذا السراب ؟ حتى هذا لا تبحث عنه والحقوق تنتزع بالكفاح وليس بانتظار الذي يأتي ولا يأتي . سمعت هياجك في الانتخابات وتدعي الانتصار ، على من انتصرت ؟ آه يا بني لو انتصرت على نفسك أولا ، انتصر على روتينك اليومي ، أعلم أنك تتظاهر أمام الآخرين بالسعادة ، والحقيقة أن حياتك أتعس من حياة متسول بئيس ، انتصر على أوهامك التي تصنعها لنفسك . توقف عن تخيل انتماء أسرتنا إلى أعلى الطبقات . نحن لسنا ولن نكون هناك . ماذا ستفعل لو انقطع معاشي أو خطفني الموت ؟ لن أستحيي منك هذه المرة إن قلت : أغلب الظن ستجد نفسك قابضا في بيوت المواخير .
Aucun commentaire